مدار الساعة - لو كانت أندريا تعيش في بلادنا لأسميتها قدرية ولنطقت الاسم بلهجتي. أقلب الهمزة قافاً وأحذف النون. أليس هذا ما تفعلوه بأسمائنا يا أبناء "المستيسو"*؟
هذا اسم يناسب أندريا، لفظاً ومعنى، ستصبحين قدرية وجزءٌ منك يشبه الكثير من نسائنا، عمّاتي تحديداً، وهنّ خمسة. قد أسمّيهن هكذا، قدرية 1، قدرية 2، قدرية 3.. إلخ.
تشترك أندريا مع عماتي بالإيمان الشديد بالقَدَر، وهو ما يمنح هؤلاء القدريّات الرضا الكامل والهدوء وراحة البال، لكنّ ذوقهنّ يختلف حينما يتعلّق الأمر بطلاء الأظافر.
أمسكتُ يدها في محاولة لتهدئة بكائها.. ياللشرّ الكامن بي! يا لنواياي السيئة! انزلقت نظراتي على طلاء أظافر أندريا الأخضر، أخضر فاقع. يا لأفكاري الخبيثة! يا مونولوجي السخيف!
"إذا كان قد توفي منذ أيام، فلا بد أن يكون طلاء الأظافر قد تقشر من الأطراف، لكنه طلاء طازج، حديث يا أندريا". عينٌ على دموع أندريا وأخرى على طلاء أظافر يديها، ثم انزلقت العينان نحو قدميها، أخضر فاقع أيضاً وحذاء مفتوح.
بعد أسبوع من موته احتفلت أندريا بعيد ميلاد حفيدتها، كانت صورة الجدِّ معلّقة على جدارِ اهترأ لونه الأخضر. أشعلتْ شمعة حفيدتها التي أكملتْ عامها الأول. أنزلت الصورة من الجدار ووضعتها على مائدة عيد الميلاد بجانب الكعكة وصحنٍ من البوشار وأكواب بلاستيكية للكوكاكولا.
- جدّك يحتفل معنا. قالت أندريا وأطفأت العائلة الفقيرة الشموع.
ليت عمّاتي كنّ مثل أندريا، على الأقل في الأعياد!
** كاتبة ومترجمة فلسطينية مقيمة في نيكاراغوا