فإن الخبر الذي ذكرته لم نقف عليه في المسند، ولا في غيره من دواوين السنة المعتمدة.
وقد أورده ابن بشران في أماليه، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّوَّافِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِنَّ الْكَعْبَةَ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ، وَهِيَ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ حَشَفَةً عَلَى الْمَاءِ، يَعْنِي زَبَدًا عَلَى الْمَاءِ، عَلَيْهَا مَلَكَانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَبِّحَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَلْفَيْ سَنَةً. ..."
كما أورده بعض المفسرين كابن الجوزي في زاد المسير، والسيوطي في الدر المنثور. قال السيوطي: وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خلقت الْكَعْبَة قبل الأَرْض بألفي سنة.
فعلى هذا هو من كلام أبي هريرة -رضي الله عنه- موقوفا عليه، وليس مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى كل حال: فليس في هذا الأثر - لو صح - دلالة على تقدم خلق الليل والنهار المعهودين على خلق السموات والأرض.
فتسبيح الملائكة بالليل والنهار لا يستلزم أن يكون عندهم ليل ونهار؛ بل المراد هو: دوامهم على التسبيح في جميع الأوقات.
قال سبحانه: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ {الأنبياء:20}، جاء في تفسير الألوسي: ثم إن كون الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يستلزم أن يكون عندهم في السماء ليل ونهار؛ لأن المراد إفادة دوامهم على التسبيح على الوجه المتعارف. اهـ.
والليل والنهار المعهودان الحاصلان بالشمس لم يخلقا قبل السموات والأرض.
وقد قال تعالى: {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس وغيره من السلف: في فلكة مثل فلكة المغزل. فقد أخبر تعالى أن الليل والنهار والشمس والقمر: في الفلك و " الفلك " هو السموات عند أكثر العلماء؛ بدليل أن الله ذكر في هاتين الآيتين أن الشمس والقمر في الفلك.
وقال في موضع آخر: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا} {وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا} فأخبر أنه جعل الشمس والقمر في السموات.