مدار الساعة - لا تزال عائلة الشاب يوسف مرابطة عند المكان الذي قتل فيه، عند مجسّر طريق محمد القاسم السريع، من جهة الباب الشرقي، القريبة من ساحة التحرير، وقد وضعت رسماً مستطيلاً من الأحجار، محيطاً بالمكان الذي سقط فيه، فيما تقوم شقيقته بإشعال الشموع على السياج الرمزي، وتسيل دموع العائلة بصمت يبكي المارّة، بمن فيهم زملاؤه الطلبة الجامعيون، والمتظاهرون، والمارّة من قرب المكان.
ويقول الناشط المرابط في ساحة التحرير، أحمد كاظم، إنه لم يستطع تمالك دموعه من السقوط وهو يلتقط صورة للعائلة المفجوعة، ولاسيما الأم التي قالت له بصوت مخنوق «ابني العريس... كنت انتظر تخرجه في الجامعة، وافرح بزواجه».
وعرف يوسف، الطالب في جامعة بغداد، بنشاطه الكبير في التظاهرات، وكمصور يغطي الأحداث بشكل مباشر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الانفجار الكبير
ويضيف أحمد كاظم: «كان فجر الاثنين الماضي، بداية يوم الانفجار الكبير، يوم انتهاء مهلة الناصرية، التي تبنتها ساحات التظاهر والاعتصام في عموم محافظات وسط وجنوب العراق، حيث حاولت قوات الشغب إجهاض الحراك الشعبي من خلال مداهمة ساحة التحرير، انطلاقاً من ساحة الطيران المجاورة، لكن المعتصمين سرعان ما دعوا من خلال مكبرات الصوت، إلى دعم الساحة والتوجه إلى الطيران، فكان الطوفان البشري، وكان يوسف في الطليعة، كما عرفناه طيلة أيام التظاهر والاعتصام، التي تميزت بوفرة جماهير الطلبة وحماسهم... فهم زهور ساحات التظاهر والاعتصام.
وينقل عن شقيق القتيل قوله: «لماذا هو ولست أنا؟ كنا معاً، ويبدو أنهم ترصدوه ليصيبوه في مقتل، وكان قد سهر الليل يتابع أخبار الساحة، وكأنه توقع ما سيحدث، وما أن عرف بنية المخربين الهجوم على الساحة، حتى سارع للاتصال بزملائه، الذين اتصلوا بالآخرين، الأمر الذي دعم الساحة بالزخم الطلابي الجارف».
أما شقيقته، التي كانت تتولى إشعال الشموع، فقالت إنها لم تشهد «زفافاً كالذي أقيم ليوسف في ساحة التحرير... نعم، كان عريساً حنّاءه الدم الطاهر».
وتضيف «نحن عائلته قررنا المكوث في مكان مقتله حتى تحقق الثورة أهدافها، وثقتنا كبيرة في أن يحقق زملاؤه الثوار هذه الأهداف».