تتأثر مناعة الطفل وحصانته النفسية والوجدانية والمزاجية والعاطفية سلبا أو إيجابا حسب الرعاية الوالدية التي يمارسها والداه تجاهه، وقد بينت العديد من الدراسات خطورة إساءة المعاملة الوالدية للطفل، فمن آثارها السلبية على المدى البعيد إيصالها إلى العنف والانطواء والقلق والاكتئاب والخوف، وضعف أو انعدام تقديره لذاته وشعوره بالاستقلالية والاحترام، وقد أوجدت الباحثة القطرية (أمل المسلماني) في دراستها الموسومة بـ (فاعلية برنامج إرشادي لتعديل سلوكيات الإساءة الوالدية نحو الأبناء وأثره في تحسين تقدير الذات لديهم) برنامجا يحد من الإساءة الوالدية، وبدوره ساهم البرنامج في الحد من الإساءة وتحسين تقدير الذات لدى الطفل، وهذا يدل على مدى تأثير المعاملة والرعاية الوالدية في الطفل، لذلك أولت مزيد اهتمام في البحث والتطبيق والدراسة.
تقدير الذات والثقة بالنفس من الأمور المهمة في تكوين شخصية الطفل والتي يجب على الوالدين الاهتمام بها والتركيز عليها في معاملتهم وأساليبهم التربوية المتبعة مع الطفل، والمقصود بتقدير الذات الأفكار الإيجابية التي يؤمن بها الشخص عن نفسه، وشعوره الداخلي بالكفاءة والجدارة، وقدرته على الإنجاز والنجاح، مع شعور بالرضا والطمأنينة.
ومن أساليب الرعاية الوالدية الثناء على سلوك الطفل الإيجابي عندما يكون سلوكه صحيحا، حيث يغلب على الآباء معاقبة أبنائهم على سلوكهم السيء أكثر من الثناء على سلوكهم الإيجابي. الإطراء والثناء على سلوك الطفل الإيجابي ووصف سلوكه الذي قام به بالضبط مهم جدا، لكن دون مبالغة فيه؛ لأن المبالغة في الثناء تفقد التأثير المطلوب في تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل، كما أن إهمال الثناء واستحسان وتأييد سلوك الطفل الإيجابي يصيبه بالإحباط ويزعزع ثقته بنفسه، فالتوازن والاعتدال مطلوب في الرعاية الوالدية وغيرها.
لذا وجب على الوالدين مراقبة كل فعل وكل كلمة وكل نبرة وكل سلوك يقومون به تجاه أبنائهم، وعليهم تعلم فن الرعاية الوالدية، من رعاية إيجابية صحية، ليخرجوا من مدرستهم الأسرية أبناء أسوياء وأصحاء نفسيا، مشبعين بتقدير ذواتهم واحترامها، والذي بدوره سينعكس على تصرفهم وتعاملهم مع غيرهم عند تخرجهم وانخراطهم في المجتمع.