مدار الساعة - إنسان توكلَ على الله في أمر ما ولم يأخذ بما يكفى من الأسْباب لكنه دعا الله بكل ما يعرف من أدعية مستجابة ليقضى الله له أمره، لكن الله لم يوفقه في ذلك على الرغم دعائه فلماذا؟
والذي لا يتَّخذ الأسباب لا يُقبل دعاؤه، والرسول نفسه نبَّه بعض الصحابة إلى ذلك حيث طلب واحد منهم مرافقته في الجنة، فقال له: “فأعِنِّي على ذلك بكثرة السجود” أي الصلاة.
مع العلم بأن الدُّعاء لا يُقبل إلا بشروط، منها طاعة الدَّاعي لله وعدم عِصْيانه، والتعفُّف عن أكل الحرام، وكون الدُّعاء بخشوع وحضور الذِّهن والقلب، على نَسَق ما جاء في قَبول الله دعاء أيوب وذي النون وزكريَّا، حيث قال الله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (سورة الأنبياء:90)، وعدَم الاستعجال حيث يقول: دَعَوْت فلمْ يُسْتَجَبْ لي. وعَلى فرْض أن الدَّاعي فيه هذه المُواصفات، فإن الاستجابة تكون بصورة مختلفة، إعطاء الداعي ما سأله أو صرف سوء عنه يكون أحسن من نيل المطلوب أو ادِّخار الإجابة إلى الآخرة فهي أفضل من الدُّنيا، والله يخْتار ما هو خيرٌ للدَّاعي المؤمن المُطيع الخاشع، فقد يكون منع الإجابة أفضل، قال تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ) (سورة الشورى: 27)، وفي المأثور” إنَّ مِنْ عِبَادِي مَن لا يُصْلحُه إلا الفقر”.
وقد يكون عدم الاستجابة امتحانًا لإيمان الإنسان، هل يَرْضى بقضاء الله ويَصبر على البلاء الذي يشكو منه، أو يَجْزع ويَعْترض: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (سورة البقرة:155-157)