كنت من بين المشاركين في الجلسة الثانية، وكان النقاش يرتقى لمستوى التحديات والأهم أن مسؤولي الإعلام والاتصال بالديوان الملكي كانوا و ببراعة ينصتون باهتمام كبير لحالة الإعلام الأردني ومداخلات الزميلات والزملاء.
الواقع المؤسف أن الإعلام الأردني يعيش في مرحلة "أزمة" , ولو كان الأمر غير ذلك لما تم استنفار الخبراء وأبرز الصحفيين والإعلاميين لعصف ذهني مركز لوضع تصورات النهوض بالاعلام الاردني من سباته!! وهذه الأزمة لا يتحمل طرف بعينه مسؤولية فقدان الثقه بالاعلام التقليدي ككل والرسمي بشكل خاص الأمر الذي يعني عمليا غياب التأثير المطلوب على الرأي العام وبذات الوقت إنتاج رسالة إعلامية "خجولة" تدافع عن ثوابت الدولة.
فالحكومة ونقابة الصحفيين وكليات الاعلام والمؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة والتشريعات الناظمة وحتى الذوق العام للمواطنين كل هؤلاء يتحملون مسؤولية الضعف الذي اصاب الإعلام الأردني واقعده لدرجة "الشلل" أن يكون له حضور فعال وتأثير على الداخل الأردني بل أصبح دوما في قفص الاتهام لا يجرأ أن يدافع عن نفسه ولا يتجرأ أن يقف بوضوح مع مسؤولي الدولة خوفا من افرازات تصنيف الشارع وثنائية "سحيج" أو "فحيج"!!
تحديات الإعلام الأردني كثيرة ومتشابكة بعضها يتصل بأزمة مالية تعيشها المؤسسات الإعلامية التقليدية وهي أزمة متراكمة وقديمة تصاعدت في ظل عدم قدرة هذه المؤسسات على قراءة حجم التحولات السريعه في إدارة المعلومات في العالم وما فرضته تكنولوجيا الاتصال الرقمي من أنماط اتصالية جديدة راح ضحيتها الإعلام التقليدي وخسر حضوره وبالتالي من جمهوره وعوائده ، وأصبح ساحة خالية من المتابعين الا من اعداد محدوده و معدودة.
من المؤسف حقاً ونحن دولة قاربنا على الاحتفال بمرور (100) عام على تأسيسها، ونحن أصحاب فضل وخبرة وكفاءات في دول عربية عديدة، ولدينا سياسة متزنة وحكم هاشمي متسامح, لم يتبلور لدينا بعد خطاب إعلامي تحدد ملامحه استراتيجية ثابتة تتعامل مع الأحداث والمستجدات بعيداً عن استجداء الأقلام أو الفزعات التقليدية التي تجعل مثل هذه المواقف عبئاً على الدولة بدلاً من أن تكون مُعيناً لها ، ومن المُخجل ايضا أن يصبح مَن يسمى في هذا الوقت ناشطاً أن يستقطب عشرات الآلاف من المتابعين ويملأ العالم الافتراضي ضجيجاً ويشكل رأياً عاماً جارفا إزاء قضايا محلية ولا تجد الدولة حلفاء في الداخل يكونوا قادرين للدفاع عن الرواية الرسمية، فيترك ميدان الوطن لرصاص الجهلاء والدخلاء والنشطاء وسلاحاً بأيدي السفهاء، ونخب الدولة يختبأون بمزارعهم أو بمكاتبهم الفارهة يترصدون فرحة تعديل حكومي هنا أو شغور موقع اعلامي هناك.