وهل الحل اعتاد الوجود في دفتر الدّين؟ كيف سيعيد ترتيب الأولويات المتزاحمة في القائمة؟ إلى متى هذا الحال المُضني المتُجرع المرارة؟ حتى عاد إليهم بجملتها المحبوكة بكل ود وسَكينة "ألا تريد أن تأكل نحن بانتظارك تبدأ"، حدّق في عيناها الأشد سواداً من ليل كاحل، وكاد أن يقول ولكن خانته الحروف حين ابتسمت وعذب صوتها "بابدأ بيمينك وسمّ الله فدوام الحال من المحال"!!
أدرك الأبناء بأن والدهم يعدو بمتاهة بلا خارطة سبيل، فأتى إليه أوسطهم بنصف دينار وسأله إن كانت نفقة تكفي لشراء ما يلزم؟
أجابه بامتنان نعم تكفي! تناولها ولم يتردد، ولكن عاد بمنتصف الليل وأودعها في حقيبته المدرسية دون أن يدري، واستودعه بالذي لا تضيع عنده الودائع.
في صباح اليوم التالي خلال شرح درس النقود في حصة الرياضيات، وقف الابن الوفي وقال لمعلمته: هل تعلمين أن النصف دينار قطعة نقدية تكفي لشراء الكثير من المستلزمات؟ مُسترسلاً بالحديث نعم أبي قال إنها تكفي وقال أيضاً قبل أن نخلد للنوم اطمأنوا "نحن بخير الحمد لله ".