مدار الساعة - حنان كفاوين- تتميز مياه خليج العقبة بأنها توفر بيئة جيدة لتشكل نوعية فريدة ونادرة من الشعاب المرجانية تبذل جهود كبيرة للمحافظة عليها لدورها في التنوع الحيوي البحري وأيضا لأنها تشكل موئلا لحوالي 25 بالمئة من اجمالي انواع الأسماك، بحسب ما يؤكد خبراء وعارفون بالبيئة البحرية.
والمرجان هو الحيوان المسؤول عن الشعاب، ويشكل بنفسه مستعمرات للكائنات الحية تغطي ما مساحته 1 بالمئة من سطح الارض، فيما تشكل هذه المستعمرات مجتمعا متكاملا لحوالي 8 ملايين نوع من الكائنات الحية ومصدر غذاء لحوالي 500 مليون انسان، عدا عن توفيرها فرص عمل في مجال الصيد وصناعة الحلي وقائمة طويلة من المنافع تجعلنا نقف طويلا امام ما نفعله لهذا الكائن شديد الحساسية والفريد في جماله وتنوعه والذي يصل الى 600 نوع.
وبالإضافة الى أنه أحد اهم مصادر السياحة البيئية والغطس يؤكد خبراء التقتهم وكالة الأنباء الاردنية (بترا) أن المرجان يعتبر صيدلية متكاملة، ويدخل في تركيب مضاد حيوي لعلاج سم الأفاعي، وهو مقو طبيعي للأعصاب ويعالج اضطرابات الجهاز الهضمي وداء السكري، ومسكن للألم يفوق تأثير المورفين، وكان قديما يعرف بأنه مضاد للحزن ودافع للشر، ويساعد في استقرار العقل والانفعالات النفسية، عدا عن دوره في علاج البشرة ودخوله بأنواع مختلفة من مواد التجميل، فيما يعتبره آخرون بأنه شكل من أشكال المجوهرات وأثمنها، وبرغم كل هذه الميزات وغيرها الكثير إلا أن مرجان العقبة يواجه تحديات جمة تحد من تكاثره بل وتهدد وجوده.
ولفت الى أن أحد العوامل المشجعة على هذا التعدي والتهديد تمثل بقرب الحيد المرجاني من الشاطئ ووجوده على اعماق قليلة، وبالتالي إذا تم استخدام الشباك في تلك المنطقة وعلق بها المرجان، فإنه سيتسبب بتدمير الشعاب المرجانية عند محاولة شدها، عدا عن احتجاز كميات كبيرة من الاسماك والكائنات الحية الاخرى مثل السلاحف والقضاء عليها.
كما يتسبب استخدام الاقفاص والتي تسمى السخاوي، وبطريقة غير بيئية وباستخدام فتحات ضيقة جيدا، الى صيد كثير من الانواع التي ليس لها قيمة تجارية او صغيرة الحجم، وتتعاظم المشكلة عند فقدان تلك الاقفاص في الماء لتشكل مصيدة دائمة.
ويضيف طواها ان النفايات الصلبة والتي ينتقل معظمها من اليابسة من قبل الزوار والمواطنين، تشكل تهديدا آخر للشعاب المرجانية او الكائنات البحرية من خلال استقرار اكياس البلاستيك او الكرتون او الاقمشة على الشعاب المرجانية ما يؤدي الى اختناقها، عدا عن احتمال قيام بعض الكائنات البحرية السلاحف والطيور المائية بالتهام هذه الأكياس والنفايات ومن ثم موتها اختناقا، كما أن استخدام خيوط الصيد في الماء يشكل خطرا كبيرا على الشعاب المرجانية بسبب احتكاكها بالمرجان.
وتشير الدراسات إلى ان أكثر من 80 بالمئة من النفايات البحرية مصدرها اليابسة، وأكثر من 60 بالمئة من هذه النفايات هي بلاستيكية، ويؤدي وجود تلك النفايات وبقايا ادوات الصيد، إلى التأثير على الحيود المرجانية ومواقع الغطس والتي يزورها عشرات الآلاف من الغواصين والسباحين والزوار والقوارب السياحية.
وأضاف طواها إن التصرفات السلبية من بعض القوارب قد تؤدي أيضا إلى تدمير المرجان، سواء عن طريق القاء النفايات الصلبة، او تغيير الزيوت والصيانة على الشواطئ، او استخدام المرساة، لافتا الى أن هناك تعليمات واضحة في العقبة لمراقبة ذلك ومعاقبة السفن والقوارب المخالفة.
وأشار أيضا الى أن هناك اسبابا طبيعية لتدمير الشعب المرجانية مثل السيول والفيضانات والتي تحدث بشكل فجائي كونها تحمل معها كميات كبيرة من الرسوبيات والطمي والنفايات، والتي تعمل على تعكير مياه البحر، وزيادة الرسوبيات، والتي قد تؤدي الى اختناق المرجان والكائنات الحية الثابتة.
وانتقد طواها بشدة سلوكيات البعض المخالفة للقانون، مثل الاتجار بالمرجان والاحياء البحرية، حيث يقوم بعض الاشخاص بكسر وقطف الشعاب المرجانية وجمع الاصداف والاسماك الملونة، لاستخدامها في احواض الزينة واستخدامات عديدة اخرى.
وأكد المومني ان البيئة البحرية بالعقبة تعد من البيئات النادرة جدا لتنوعها الحيوي الكبير وطبيعة المرجان والأسماك وغيرها من المخلوقات البحرية التي تعيش فيها، لافتا الى ان الاستثمارات السياحية والصناعية على شواطئ العقبة مثل المنتجعات السياحية الكبيرة على الشاطئ الجنوبي أثرت كثيرا على البيئة البحرية ورفعت من نسبة الرسوبيات الرملية بهذه المناطق ما أدى الى موت بعض أنواع المرجان ورحيل أنواع من الأسماك عن تلك المناطق، كما كان لنقل ميناء العقبة الرئيسي اثر كبير على البيئة البحرية في تلك المنطقة حيث تم تدمير كمية كبيره من المرجان بسبب العمليات الإنشائية.
ولفت ابو عوالي أيضا الى برنامج المراقبة الوطني الذي تنفذه محطة العلوم البحرية لصالح السلطة منذ 16 عاماً والذي يعنى بمراقبة وضع الشعاب المرجانية وصحتها وأي تغييرات تطرأ على وضعها، وإجراء الدراسات البيئية ودراسات تقييم الاثر البيئي للمشاريع التنموية المختلفة التي يتم اقامتها في البحر وعلى السواحل والتي تتضمن القيام بالإجراءات التخفيفية اللازمة للمحافظة على البيئة البحرية، وتقليل الاثر السلبي لهذه المشاريع على الشعاب المرجانية مثل نقل واعادة استزراع ما يتعرض منها للضرر المباشر أو غير المباشر قبل تنفيذ المشروع.
ومن ذلك أيضا اجراء برامج المراقبة اللازمة بعد التنفيذ وخلاله، اضافة الى تنفيذ برامج التوعية والتثقيف لشرائح المجتمع المختلفة ولمستخدمي الشواطئ حول اهمية الشعاب المرجانية وضرورة المحافظة عليها، من خلال كوادر السلطة وبالتعاون مع الجمعيات البيئية التطوعية، وإنشاء نوادي حماية للبيئة في مدارس العقبة واجراء الدراسات والبحوث العلمية، وبرامج مراقبة الشعاب المرجانية وتأثير الانشطة البشرية على صحتها بالتعاون مع الجهات البحثية والاكاديمية والجهات الدولية المانحة والهيئة الاقليمية للمحافظة على بيئة البحر الاحمر وخليج عدن، واقامة المرافق الشاطئية والبحرية مثل (المرافئ، وعوامات الرسو) كبديل رفيق بالبيئة البحرية لتلافي الإضرار بالشعاب المرجانية نتيجة انشطة القوارب والرسو بأنواعها.
كما أنشأت المفوضية لهذه الغاية حيودا مرجانية اصطناعية من خلال اغراق حطام السفن والطائرات وغيرها، وبناء اشكال مختلفة من الخرسانة لتكون موئلاً للأسماك ومواقع غوص بديلة لتخفيف الضغط عن المواقع المرجانية الطبيعية، عدا عن دعم صيادي الاسماك بالمعدات اللازمة للصيد في المياه العميقة والابتعاد ما أمكن عن الصيد في المناطق المرجانية الساحلية، وإجراء دراسة لتقييم مدى خطورة معدات الصيد التقليدية على الشعاب المرجانية، ودراسة حظر استخدام اكثرها ضرراً على الشعاب المرجانية مثل شباك النايلون، والاستمرار بتنفيذ حملات تنظيف الشواطئ وجوف البحر لحماية الشعاب المرجانية من الاثر السلبي للنفايات الصلبة الناجمة عن سلوكيات بعض مستخدمي الشواطئ.