كتب: نادر خطاطبة
ويحدث ان يكون طبيعيا لحكومة فقدت رشدها، واختل توازنها، ما دام جل اهتمامها البقاء على قيد الحياة، ولو في غرفة الانعاش ما امكن، ان يقدم وزراؤها على الفواحش بقراراتهم الادارية، ما دام رئيسها وفريقه شعارهم "نحن فقط، ومن بعدنا الطوفان".
معيب أن يقرر وزير الصحة في الثاني من الشهر الجاري نقل مدير صحة من مركز محافظة الى مديرية فرعية بلواء، ليعين بدلا منه طبيبا اخصائيا، وان كان مقدرا خلقيا ومهنيا وحتى اداريا بشهادات من عرفوه ، لكن ذاتهم يجمعون ان تعيينه يفتقر لاسس العدالة الوظيفية، ومرده صفقة نيابية، من جملة صفقات شرع اركان صاحب حكومة النهضة، بابرامها كاستحقاق لتمرير قانون الموازنة .
القرار الاداري ، وان كان فيه هظم لحقوق عباد، ربما يتم عزوه بالاوضاع الاعتيادية لخطأ اداري، لكن التراجع عنه لاحقا بمحاولة الباسه ثوب التراجع عن "الحق فضيلة" كان يمكن ان يمر، لكن التراجع بحقيقته، تثبيت لحالة (خداع رسمي) يبدو انه متكرر، وسنشهد منه الكثير، ما دامت المصالح ديدن السلطتين التنفيذية والتشريعية ..
تقاطع المصالح راهنا بين التنفيذي والتشريعي بما تسمى فلسفة الحكم الديمقراطي الاردني الذي الفناه، عنوانها حشد اصوات لجولة قانون الموازنة وتمريره، واذا ما عرفنا ان قرار سعد الجابر وزير الصحة بحالة مناقلات في صحة اربد، تقاطع ابتداء مع مصلحة احد النواب بغية ترقية وتعيين شقيقه، مقابل اجتذابه للصف الحكومي، لكنه اصطدم لاحقا بعثرة عدم التقاطع مع رغبة اربعة او ربما خمسة وربما اكثر بسياق الحشد النيابي المصلحي، غير المتقاطع مع مصالحهم الانتخاببة ..
بمفتوح القول المختصر، أن وزير الصحة سعد الجابر قرر نقل طبيب من منصب مدير صحة اربد إلى إدارة صحة لواء بالمحافظة، وعين بدلا منه طبيبا مختصا بالمسالك البولية، وثار لغط حول احقية الاخير كونه حديث العهد بالمناصب الادارية وان اختياره مرده انه شقيق احد النواب، وان الامر لا يخرج عن كونه صفقة بسياق الحشد والاستمالة للنواب حيال مشروع قانون الموازنة، وبرغم اللغط والزوبعة، إلا أن هذه الامور سارت بسلاسة، وكاد الشارع ان ينشغل بغيرها تبعا لما نراه في الحالة الاردنية بهكذا قضايا..
مواقع التواصل عجت بالتهاني لشقيق النائب بالمنصب الجديد يومي الثاني والثالث من الشهر الجاري وتسيدت الحلوى الدواوين، وأركان بالحكومة ومجلس النواب شاركوا الفرح، ليعاود الوزير صباح أمس الرابع من الشهر ليلغي قراراته، برغم ما قُدم من كنافة وعصائر ومشروبات غازية انتصارا لقرار ما قبل الإلغاء !!
كثر احتاروا وتساءلوا حيال التراجع الذي خلا من المسببات او المبررات، وبعضنا كاد ان يعزوها لساعة رحمانية، اكتشف بها معاليه قدس الله سره، خطأ قراره، واخذ منحى احقاق العدل، لكن حقيقة الامر ان خطأه لم يتقاطع مع مصالح نواب اخرين، شدوا الرحال مؤازرين لنصرة ابن دائرتهم الرمثاوي، ما خلط اوراق الوزير، ووجد نفسه أمام التضحية بصوت نيابي مقابل أربعة اصوات وربما أكثر يمكن أن يكسبها لرصيد معلمه!!
ما علينا ..
لو كنت ذا امر، لاطحت بوزير الصحة وقت، أن استبد بسلطته ذات احتجاج لفني مختبرات على سوء الأجهزة المتوافرة بمختبره في الأغوار الشمالية ليقرر نقله إلى الرويشد، ويتراجع لاحقا وسط ضغط المغردين على وسائل التواصل انتقاداً لسوء ما قرر..
ختاما ..
حسبنا الله ونعم الوكيل..