اسئلة كثيرة تطرح ، لكن لا بد بداية من الاشارة الى ان امتنا ، كان لديها حلم يجمعها في دولة واحدة، فسعى احرار الامة، من اجل اقامة دولة الوحدة، والتخلص من التخلف والاستعمار، فانطلقت الثورة العربية الكبرى، بقيادة الشريف الهاشمي الحسين بن علي، لتحقيق هذا الحلم، وتأسيس الدولة العربية الواحدة، وشكلت هذه الانطلاقة صفحة مشرفة في تاريخ امتنا، لكن مشروع الدولة الواحدة لم يتحقق ، بسبب عدم قيام المملكة المتحدة ، بعدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة ، مع الشريف الحسين بن على، وقيامها بالاتفاق مع فرنسا ، بتقسيم المنطقة العربية الى دويلات، وفق اتفاق سايكس بيكو عام 1916.
هذا الأمر شكل انتكاسة للمشروع النهضوي العربي، وتوالت الانتكاسات بزرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وخسر العرب حرب عام 48 وعام 67، واصبحنا دويلات وطوائف وشيعا وقبائل، نعيش واقعا مريرا ومؤلما، عنوانه الفقر والجهل، وفشل العرب في تشكيل أي مشروع وحدوي، بالمقابل اصبحت اسرائيل، قوة عسكرية واقتصادية وتكنولوجية.
وقال الفايز لقد تعاقبت ماسي الامة العربية، فجاءت حرب الخليج الاولي والثانية ، وبعدهما جاء ما سمي " بالربيع العربي " الذي دمر الامة العربية، ونحن هنا لا ننكر على شبابنا، الذي خرج يطالب بالحرية والعدالة، فهذا الامر جميعنا معه وندعمه، لكن للاسف لقد تسبب " الرماد العربي " بالفوضى والدمار للعديد من الدول العربية، وادى الى انقسامات وعدم استقرار امني ومجتمعي، وعمليات قتل على اسس طائفية، وساعد في انتشار قوى التطرف والارهاب، ولعل اكبر مأساة نشهدها اليوم، هي المأساة التي تجري في سوريا، فسوريا دمرت وشعبها شرد، وغزاها الارهاب والتطرف، واصبحت ساحة لصراعات دولية واقليمية، ومرتعا للمليشيات المختلفة.
وقال الجميع يتساءل اليوم، حول السر الذى مكن الاردن من تجاوز التحديات، وما هو مصيره ومستقبله ، في ظل هذه الفوضى والصراعات السياسية من حوله، وهنا اقول، ان الاردن ومنذ التأسيس قد واجه العديد من التحديات، الامنية والسياسية والاقتصادية، ولم تسلم مسيرته من محاولات البعض ، العبث بأمنه واستقراره، لكنه على الدوام كان يتجاوزها، بفضل حكمة قيادته الهاشمية وتسامحها، وايمان الاردنيين بوطنهم، وقوة ومنعة اجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة.
ورغم قسوة الظروف المحيطة بناء، فقد استمر الاردن قوي سياسيا وامنيا، رغم التحديات الاقتصادية التي اثرت على حياة المواطنين المعيشية، وادت الى ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وارتفاع عجز الموازنة والدين العام، تحديات اقتصادية في اغلبها خارجة عن ارادتنا، ومنها اللجوء السوري، واغلاق الحدود امام صادراتنا، وانخفاض المساعدات العربية والدولية، وانقطاع الغاز المصري ، والازمة المالية العالمية.
هذه الظروف التي تزامنت مع بعضها البعض، اوجدت اوضاع اقتصادية صعبة، وعرقلت تمكين خططنا الاقتصادية والتنموية، من تحقيق اهدافها، فما يجري في دول الاقليم، جعلنا في وضع صعب، واستمرار الظروف المحيطة بنا، سيلقي علينا المزيد من الاعباء .
ويبقى السؤال كيف لنا الخلاص من واقعنا العربي الراهن، ان ذلك يحتاج الى جهود صادقة، تبدأ من قناعتنا بان حالنا العربي الراهن، اذا ما استمر على ما هو عليه، سيؤدي بالجميع الى الهلاك، لذا على الجميع تحمل المسؤولية، والعمل على ايجاد المعالجات الحقيقية لهذا الواقع المؤسف، وارى هنا، ان المعالجة الحقيقية تبدأ من خلال، ايجاد مسار للتنمية الاقتصادية المتكاملة بين الدول العربية، على الاقل بين الدول المستقرة، وذلك من خلال تشكيل تكتل اقتصادي حقيقي فيما بينها ، والعمل على بلورة موقف عربي موحد، يكون له دور في تقرير مستقبل المنطقة، وكف يد الدول الاقليمية وغيرها عن العبث بها، والتدخل في شؤونها، موقفا يكون له قدرة التصدي لاية محاولات تقسيم جديده.
ولابد كذلك من ايجاد ادوات جديدة، هدفها العمل على تعزيز الثقة بين دولنا، ووضع استراتيجية تتصدى للخطاب الطائفي والمذهبي، وتعزز قيم الانتماء الوطني والعروبي، تؤمن بالدولة المدنية، وقبول الراي والراي الاخر، وعلينا ايضا اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ،واعتبارها قضية العرب الاولى، وان حلها بشكل عادل ووفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى اساس حل الدولتين، سيسهم في انهاء صراعات المنطقة، ويمكن من القضاء على القوى الارهابية .
وقال الفايز ان استقرار مجتمعنا وتماسكه هو الاساس للنهوض في مختلف المجالات، لكن للاسف ، وعلى ضوء ما تمر بها امتنا، وفي ظل المخاطر والتحديات التي تواجهنا، انني اتسأل ، لمصلحة من يقوم البعض بالاستقواء على الوطن، والاساءة لمؤسساتنا ورموزنا السياسية، وبث خطاب الكراهية عبر مواقع التناحر الاجتماعي، وهدم كل منجز وطني، والتشكيك بكل موقف لبلدنا .
هذا امر مرفوض ولا يجوز السكوت عليه ، اننا دولة مؤسسات وقانون ، والدولة تحمي الجميع ، وتحفظ حقوق الجميع ، ومثل هذه الممارسات العبثية يجب التصدي لها بقوة وحزم، من خلال تطبيق القانون وفرض العقوبات الرادعة ، على الجميع وبعدالة .
أننا، نفخر ببلدنا، ونعتز بقيادتنا الهاشمية، ومواقفها الوطنية والقومية، وجلالة الملك عبدالله الثاني، هو رمزنا وقدوتنا وقائدنا، وهو على الدوام محل فخر واعتزاز كل اردني واردنية، وهو سبب، قوتنا وتماسكنا، وشموخنا .
وبين الفايز ان الوطن اليوم، يواجه ايضا تحديات بسبب موقعه الجيوسياسي، منها الاوضاع الامنية والسياسية التي تمر بها المنطقة، ولعل ابرز التحديات السياسية الراهنة، هي ما يسمى صفقة القرن او صفقة العصر ، التي تتحدث عنها الادارة الامريكية والهجمه الصهيونية على الدولة الاردنية ونظامنا السياسي .
ان هذا موضوع بالغ الاهمية، وهناك تخوفات مشروعة من ان تكون له تداعيات على ثوابتنا الوطنية، وايجاد حلول للقضية الفلسطينية على حساب الاردن، لكن الذي يجب ان يدركه الجميع، بان الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لن يتخلى عن ثوابته الوطنية، فالاردن لن يكون وطنا بديلا لفلسطين، فالاردن هو الاردن، وفلسطين هي فلسطين.
كما ان الاردن لن يتنازل ولن يفرط بحقوقه المتعلقة، بعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وتعويضهم، اضافة الى مختلف القضايا المتعلقة بالمياه والحدود، ان لاءات جلالة الملك الثلاث واضحة واعلنها اكثر من مرة، ردا على كل من يشكك بمواقف الاردن، وهي "لا للتوطن، ولا للوطن البديل، والقدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية خط احمر" هذه هي مواقفنا لن نتنازل عنها، مهما كانت الضغوطات او الثمن.
انني ادعو الجميع ، الى التصدي لمحاولات العبث بنسيجنا الاجتماعي، ومواجهة خطاب الكراهية والفتنة، الذي يروجه البعض، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الخارجية، واوكد لكم بان الاردنيين ،لن يقبلوا التفريط بوطنهم وترابه الطهور.
واكد الفايز على ان الاردن دولة راسخة وقيادتها قوية والاردنيون يرخصون دمهم لاجل الوطن وان المستقبل للوطن والاردنيين سيكون افضل .
بعد ذلك جرى نقاش موسع حول مختلف القضايا الراهنة وسبل مواجهة تحديات الوطن .