مدار الساعة - ناقشت لجنة الصحة والبيئة النيابية مع دائرة الإفتاء العام الفتوى المتعلقة بـ"حكم ترك انعاش المريض الميؤوس من حياته في حال توقف القلب".
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته اليوم الثلاثاء برئاسة النائب الدكتور محمد العتايقة وحضور مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة وامين عام دائرة الإفتاء الدكتور احمد الحسنات ومدير الإفتاء الالكتروني وعضو لجنة الاخلاقيات الطبية الدكتور جميل أبو سارة.
وثمن النائب العتايقة في مستهل الاجتماع الجهود التي تبذلها دائرة الإفتاء لخدمة المجتمع الأردني خصوصاً دورها الرائد في صناعة الفتوى والبحث الشرعي وتقديمها للأفراد والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية مؤكداً ان لا تشريع ولا قانون يعلو على تشريع الخالق وسنة رسوله الكريم.
وأكد العتايقة ان الفتوى موضوع النقاش واضحة وصريحة ومهمة جداً كونها تمس حياة الانسان ومرتبطة بالطب والتداوي، قائلاً اننا نعلم تماما انكم تستندون في عصرنا الحالي الى مسألة القياس حيال بعض القضايا والأمور الحياتية.
وشدد حرص اللجنة على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الطبية والوسائل العلاجية للحفاظ على حياة الانسان، مضيفاً "اننا معنيون بالحرص على حياة الانسان وعلينا جميعاً تكثيف جهودنا واتخاذ السبل الكفيلة للحفاظ عليها حتى اخر رمق."
وقال العتايقة ان ما يهمنا توضيح النصوص القانونية والفتوى وإزالة اي غموض بهذا الشأن بحيث تصبح الامور واضحة للطبيب المعالج مؤكداً ان من أصعب الحالات اعلان الوفاة ويجب ان يسبق ذلك خمس علامات حيوية.
من جهتهم قال النواب احمد الرقب ورندة الشعار وشاهة العمارين ان دائرة الإفتاء تعد مرجعية فقهية إسلامية رائدة وهي محط ثقة واحترام لدى الشعب الأردني، لافتين الى ان هناك حالات صعبة ومعقدة تحتاج الى الدقة ويجب دراستها على حدا بشكل جلي بحيث يكون الحكم عليها صحيح.
بدوره، قال الخصاونة ان دائرة الإفتاء تُعرض عليها أسئلة كثيرة في جميع المجالات خصوصاً الأسئلة الطبية ونحن لسنا أصحاب اختصاص بالإجابة على تلك الأسئلة لا سيما في ظل المستجدات الطبية وعندما يأتي سؤالا كهذا لا يستطيع المفتي ان يجيب عليه ولا بد من الاستعانة بأصحاب الاختصاص ، حيث يتم عرضه على مجموعة من الأطباء من ذوي الاختصاص بالحالة ممن مشهود لهم بالعلم والخبرة وفي ضوء ذلك يجتمع مجلس الإفتاء ويستمع الى اراء الأطباء بهذا الشأن ومن ثم يقوم بإصدار الفتوى مؤكداً انه وقبل كل ذلك يتم التحري وأجراء بحوث ودراسات دقيقة لبلورة تصور شامل ومانع ومحكم حرصاً على حياة الانسان .
وحول حالة الانسان الذي يرفض التداوي، أكد الخصاونة انه لدينا فتوى تحرم ذلك ونحن حريصون جداً على اصدار الفتوى بكل دقة، مشدداً على أن المجلس لا يصدر أي فتوى الا بعد ان يستوفي جميع الدراسات والأبحاث.
وفي نهاية الاجتماع، اكدت اللجنة ضرورة عقد المزيد من الاجتماعات ما بين دائرة الإفتاء والجهات المعنية بأطباء الاختصاص لبحث هذا الامر والاجابة على جميع التساؤلات وتوضيحها.
كما اكدت أهمية الاطلاع على آخر الدراسات الطبية والعلمية المتعلقة بهذا الموضوع، فالعلم والطب في تطور مستمر ويجب مواكبته.
وكانت دائرة الإفتاء أصدرت فتوى بـ27 تشرين الأول الماضي رداً على سؤالٍ "ما الحكم الشرعي في عدم إجراء الإنعاش القلبي للمريض في حال توقف القلب، بناء على طلب مسبق من المريض نفسه، أو من أحد أقاربه من الدرجة الأولى؟".
ومما يدلّ على جواز التوقف عن استعمال العلاج للمريض في حال الدلالة على أنه لا فائدة منه ما حدث لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما طعن في المسجد، فأتي بنبيذ(*) فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن، فشربه، فخرج من جوفه، فعرفوا أنه ميت، ولم يقوموا بعلاجه؛ لأنهم علموا أنْ لا فائدة من العلاج فهو في حكم الميت، وذلك يدل على أنّ الحياة المستعارة في حكم العدم في مثل هذا الحال".