مدار الساعة - يقول بعض الناس : لا نأخذ أحكام الدِّين إلا من القُرآن، وإذا كانت هناك أحاديث نبوية فلا نأخذ بها إلا إذا كانت مُوافِقة للقرآن، ولابد من عَرْضِهَا عليه فما مَدى صِحة هذا القول؟
ومن الشُّبَه التي أَخَذ بها من يرفضون أَخْذ الأحكام من الأحاديث النبوية ما رُوي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ “إذا جَاءَكُمْ عني حديث فاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ الله، فما وافق فخذوه وما خالف فاتركوه” وقد بيَّن أئمة الحديث أن هذا الحديث موضوعٌ ومُخْتَلَق على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقرآن نفسه يُكَذِّب هذا الحديث، فلو عرضناه على القرآن لوجدنا فيه ما يعارضه ويُكذِّبه وهو قوله تعالى: (وَمَا آَتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فالدعوى تحمل معها دليل بُطلانها، وقد وضَّح بطلان هذا الحديث البيهقي في كتابه “معرفة السُّنن والآثار” ج 1 ص 23 (انظر مجلة الأزهر عدد شبعان 1415) وقد ألهم الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّ قومًا سيأتون لا يعتمدون إلا على القرآن ويرفضون الأخذ بما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولذلك قال عليه ـ الصلاة والسلام ـ “أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، ألا يُوشِك رَجُلٌ شبْعان مُتكئ على أَرِيكته يقول: عَلَيْكُمْ بالقرآن فما وجدتم فيه من حلالٍ فَأَحِلُّوه وما وجدتم فيه من حرامٍ فَحَرِّمُوه، ألا، لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يُقروه فإن لم يُقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قِراه” رواه أبو داود ، فقد وضَّح الرسول في الحديث أن تحريم الأشياء المذكورة ليس في القرآن، وهو تشريع واجب أن يُعْتَمد عليه، والقِرى هو الضيافة.
هذا، وفي “مفتاح الجنة في الاحْتجاج بالسُّنَّة للسيوطي ص 30”.