مدار الساعة - يحاول القادة الإيرانيون منذ أسابيع، إظهار انتصارهم مع الحرس الثوري على مواطنيهم بعد سلسلة التظاهرات التي شهدتها إيران الشهر الماضي، انتصار على الذين احتجوا على رفع أسعار الوقود، كلف المدنيين أكثر من 300 قتيل الذين تعرضوا لمجزرة وفق وصف منظمات حقوقية دولية.
تظاهرات الشهر الماضي شهدت مشاركة واسعة من الفقراء والطبقة الوسطى، وفيها استهدف الشبان مراكز مصرفية تابعة للسلطة ومقرات للحرس الثوري، في خطوة لمواجهة البنية التحتية للسلطة أي الميليشيات ومؤسساتها المالية.
كان المحتجون يدركون أن المواجهة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وخصوصاً أنهم رفعوا شعارات ضد التدخلات الإيرانية في الخارج من دعم حزب الله سنوياً إلى الحرب في اليمن على الشرعية، ودعم ميليشيات في العراق، وصرف أكثر من 6 مليارات دولار في سوريا سنوياً، للحفاظ على طريق طهران بغداد دمشق إلى بيروت.
ارتفاع التضخم
انتصار "الحرس" على المتظاهرين يبدو أنه سيقع من جديد في خانة الارتباك، خصوصاً أن معدلات التضخم ترتفع بشكل متواصل، نازعة القدرات الشرائية للناس. تقرير رسمي في إيران، أكد ارتفاع معدل التضخم ليصل إلى 40%، وسط تراجع القدرة الشرائية للإيرانيين وارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية.
التقرير لفت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 55.7%، وهو أمر كان متوقعاً بعد رفع الحكومة أسعار البنزين، رغم محاولة الرئيس روحاني تأكيد العكس، حين قال إن هذه الزيادة هدفها "مساعدة الشرائح الضعيفة في المجتمع".
وأشار مركز الإحصاء إلى أن نسبة الأسعار في ديسمبر (كانون الأول) الحالي ارتفعت بـ 3.2%، مقارنة بنوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ارتفاع الأسعار
ويبدو أن قرار رفع أسعار البنزين أثر مباشرة على أسعار بقية السلع وخصوصاً الأساسية منها. وقال رئيس مجموعة العمل التابعة لمجالس العمل الإسلامية، فرامرز توفيقي، إن ارتفاع أسعار البنزين أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة 12 إلى 18.3%.
وأشار موقع "إيران إنترناشيونال" إلى أن أسعار الخضراوات ارتفعت بنسبة 32.3%، وأسعار النقل بنسبة 14.7%، مع تسجيل ارتفاع طفيف فقط في سلع وخدمات أخرى.
ويبدو أن الأزمة في العراق والتظاهرات الشعبية التي طالبت بمنع طهران من التدخل في الشؤون الداخلية لبلدهم، وإغلاق منافذ حدودية عدة، أدت إلى تراجع المداخيل المباشرة التي كانت تحصل عليها طهران من مصادر عدة في بغداد، وخصوصاً أموال النفط والتهريب ورحلات السياحة الدينية.
والمزعج أكثر بالنسبة للحرس الثوري هو أن حركة الاحتجاج الواسعة في العراق أثبتت أن سياسات إيران لا تتمتع بالشعبية المزعومة في الأوساط الشيعية، التي شكلت العمود الفقري للتظاهرات، وخصوصاً بعدما شهدوا على صور المسؤولين الإيرانيين تحت أقدام المتظاهرين العراقيين، فيما قنصليات بلادهم تحترق على أيدي المحتجين، في النجف وكربلاء.