انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

لمس النساء هل ينقض الوضوء؟

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/21 الساعة 08:32
حجم الخط

مدار الساعة - مَسْأَلَةٌ : فِي لَمْسِ النِّسَاءِ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ , أَمْ لَا ؟

الجواب:
. الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ; أَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ النِّسَاءِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ , طَرَفَانِ وَوَسَطٌ : أَضْعَفُهَا : أَنَّهُ يُنْقَضُ بِاللَّمْسِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَهْوَةٍ إذَا كَانَ الْمَلْمُوسُ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ , وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى { أَوْ لَامَسْتُمْ } .

الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ , وَإِنْ كَانَ لِشَهْوَةٍ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ , وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ يُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ , لَكِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ , وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةِ : أَنَّ اللَّمْسَ إنْ كَانَ لِشَهْوَةٍ نَقَضَ , وَإِلَّا فَلَا , وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ إلَّا هَذَا الْقَوْلَ أَوْ الَّذِي قَبْلَهُ . فَأَمَّا تَعْلِيقُ النَّقْضِ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ , فَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ , وَخِلَافُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ , وَخِلَافُ الْآثَارِ , وَلَيْسَ مَعَ قَائِلِهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ , فَإِنْ كَانَ اللَّمْسُ فِي قوله تعالى { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } إذَا أُرِيدَ بِهِ اللَّمْسُ بِالْيَدِ , وَالْقُبْلَةُ , وَنَحْوُ ذَلِكَ , كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ , فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَيْثُ .

ذُكِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا كَانَ لِشَهْوَةٍ , مِثْلُ قَوْلِهِ فِي آيَةِ الِاعْتِكَافِ : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } . وَمُبَاشَرَةُ الْمُعْتَكِفِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةٍ , وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ , لَوْ بَاشَرَ الْمَرْأَةَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ . وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِهِ دَمٌ , وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } .

وَقَوْلُهُ : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } . فَإِنَّهُ لَوْ مَسَّهَا مَسِيسًا خَالِيًا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَجِبْ بِهِ عِدَّةٌ , وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرٌ , وَلَا تَنْتَشِرُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ , بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ , بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةٍ , وَلَمْ يَخْلُ بِهَا , وَلَمْ يَطَأْهَا , فَفِي اسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ بِذَلِكَ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } يَتَنَاوَلُ اللَّمْسَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَهْوَةٍ , فَقَدْ خَرَجَ عَنْ اللُّغَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ , بَلْ وَعَنْ لُغَةِ النَّاسِ فِي عُرْفِهِمْ , فَإِنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْمَسَّ الَّذِي يُقْرَنُ فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ عُلِمَ أَنَّهُ مَسُّ الشَّهْوَةِ , كَمَا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ الْوَطْءُ الْمَقْرُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةِ , عُلِمَ أَنَّهُ الْوَطْءُ بِالْفَرْجِ لَا بِالْقَدَمِ .

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ إنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِلَمْسِ النِّسَاءِ مُطْلَقًا , بَلْ بِصِنْفٍ مِنْ النِّسَاءِ , وَهُوَ مَا كَانَ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ , فَأَمَّا مَسُّ مَنْ لَا يَكُونُ مَظِنَّةً , كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ , وَالصَّغِيرَةِ فَلَا يُنْقَضُ بِهَا , فَقَدْ تَرَكَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظَّاهِرِ وَاشْتَرَطَ شَرْطًا لَا أَصْلَ لَهُ بِنَصٍّ وَلَا قِيَاسٍ , فَإِنَّ الْأُصُولَ الْمَنْصُوصَةَ تُفَرِّقُ بَيْنَ اللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ , وَاللَّمْسِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ , لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ , أَوْ لَا يَكُونُ .

وَهَذَا هُوَ الْمَسُّ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا , كَالْإِحْرَامِ , وَالِاعْتِكَافِ , وَالصِّيَامِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ , وَلَا الْقِيَاسُ , لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ . وَأَمَّا مَنْ عَلَّقَ النَّقْضَ بِالشَّهْوَةِ فَالظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ دَلِيلٌ لَهُ , وَقِيَاسُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ دَلِيلٌ . وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّمْسَ نَاقِضًا بِحَالٍ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ اللَّمْسَ إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْجِمَاعُ , كَمَا فِي قوله تعالى : { { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } .

وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ . وَفِي السُّنَنِ : { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ } . لَكِنْ تُكُلِّمَ فِيهِ . وَأَيْضًا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَسَّ النَّاسِ نِسَاءَهُمْ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى , وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَمَسُّ امْرَأَتَهُ , فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ , وَلَكَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ , وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ يَدِهِ لِامْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا , وَلَا نَقَلَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/21 الساعة 08:32