نعم، يُؤجرُ الإنسانُ على محبَّته واتّباعِه للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، والنّاس في الحبّ والاتّباع درجات، لكنْ من المُمكن أنْ يكونَ المسلمُ متديّنًا ملتزمًا لو لبس البنطال، واستعمل فرشاة الأسنان، وركب السيارة والطيارة، واستعمل (التاب) في القراءة بدل الكتاب، وقرأ القرآن بطريق الجوّال، ونام على أيّ جنب يريحه.
لستُ ضدّ الحرصِ على تلك العادات، لكنني ضدّ أن تُحصرَ صورةُ الإسلام بها، وكأنّها هي لبُّ الدّين ولا شيءَ سواها، وهنا ننظرُ في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنرى كيف كان يلخّص جوهرَ الإسلامِ للنّاس:
ففي صحيح البخاريّ أنّه جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة». فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصيام رمضان». قال: هل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق».
وروى أحمد في مسنده عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: بَعْدَكَ - قَالَ: « قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ».
وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا».
الدستور