بعد ان غادرت أليس ويلز السفيرة الأميركية السابقة في عمان، موقعها، بعد اشتباكات حساسة، مع مسؤولين ووزراء، وصل صداها الى واشنطن، بسبب اعتراضات عمان الرسمية، على تصرفات كثيرة، أبقت الإدارة الأميركية، موقع سفيرها في الأردن شاغراً على مدى عامين دون تعيين، وهو امر انطبق أيضا، على عدة مواقع لسفراء واشنطن، في عدة دول عربية واجنبية
عامان مرا حتى اعلن الرئيس الأميركي مؤخرا تعيين هنري وستر سفيرا لبلاده في الأردن، والرجل يعرف الأردن جيدا اذ كان قائما بالأعمال في عمان، والذي يقرأ السيرة الذاتية للسفير الجديد الذي ينتظر الموافقة النهائية من مجلس الشيوخ الأميركي، يدرك ان واشنطن اختارت شخصا ليس عاديا لهذه المهمة، خصوصا ان سيرته الذاتية تؤشر على خبرته في ملفات الناتو، أفغانستان، ايران، المغرب العربي، مصر، روسيا، والعراق، بما يؤشر على ان الاختيار خضع لحسابات كثيرة تتعلق بالأردن والمنطقة، وترتبط بتوقيت هذه الفترة تحديدا، وطبيعة الدور المطلوب من السفير، في بلد مثل الأردن
قد لا يعرف كثيرون ان العلاقات الأردنية الأميركية، تدار عادة بعيدا الى حد ما، عن موقع السفراء، وهذا لا يعني ان السفير لا يفعل شيئا، إذ إن السفارة الأميركية في عمان وعواصم أخرى، لديها خبراء يتابعون الشأن المحلي في كل بلد، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني، وعلى صعيد الاستقرار العام، والمخاطر والأزمات، وغير ذلك، ويبرقون الى بلادهم بتقارير تفصيلية، وبتوصيات في حالات كثيرة، تتعلق بالشأن الداخلي في كل بلد
مناسبة الكلام هنا، يرتبط بحديث البعض عن الدور المحتمل للسفير الجديد في الأردن، بسبب طبيعة سيرته الذاتية، ووجود تصورات ان السفير سيكون له دور مختلف، عن سابقيه من السفراء، دور محلي واقليمي، وهذا الامر ان صح كليا، او جزئيا، او لم يصح، الا انه لا يلغي الحقيقة الأهم التي تقول ان ملف العلاقات الأردنية الاميركية، ملف يدار عبر دوائر تتجاوز السفارات أحيانا، اذ انه ملف مرتبط بالديوان الملكي ووزارة الخارجية في الأردن، ومرتبط بالإدارة الأميركية الموجودة في أي فترة في البيت الأبيض، إضافة الى القوى داخل الكونغرس الأميركي ومراكز القوى، والبنتاغون وجهات أميركية أخرى لها رأي قد يختلف أحيانا عن رؤية السفير في عمان، وتقييماته للوضع، خصوصا الجهات الأكثر ثباتا، مقارنة بموقع متقلب مثل السفير
العلاقات الأردنية الأميركية، علاقات جيدة، يشوبها التوتر او الفتور أحيانا، الا ان الدعم الأميركي الاقتصادي والعسكري للأردن متواصل، فيما لا تراعي واشنطن مصالح الأردن في ملفات مثل القضية الفلسطينية، وغيرها، لكن سبب اثارة الحديث عن طبيعة الدور الوظيفي للسفير الأميركي الجديد في عمان يرتبط بنقطتين، أولهما كما اشرت طبيعة سيرته الذاتية المعقدة والحساسة، وثانيهما انه يأتي بعد غياب عامين وفي ظل توقيت يرتبط بملفات خطيرة، مثل الوضع في الضفة الغربية، والدعم بلا حدود لإسرائيل، وملف صفقة القرن التي تنفذ بشكل ناعم وتدريجي، وما يجري في العراق وسورية ولبنان، إضافة الى الكلام عن انتقال مركز القوة الإقليمية الأميركية من حيث التخطيط والادارة في هذا الجزء من المنطقة، من عواصم عربية ثانية الى عمان، وهو تصور لم تثبت صحته بعد
في كل الأحوال، ستتضح طبيعة التوصيف الوظيفي للسفير الجديد حال وصوله وبدء مهام عمله، لكن المؤكد ان الأردن الذي اشتكى في مرات سابقة من تجاوزات لبعض السفراء الاميركيين في عمان، لن يدير العلاقة مع السفير بشكل متوتر مسبقا، خصوصا ان تعيينه جاء بعد غياب، وبالتأكيد فإن السفير الجديد مع المهام الموكلة اليه، لديه حزمة نصائح وتوصيات، حول طبيعة الداخل الأردني، وما تحتمله عمان، وذاك الذي لا تحتمله، دون ان ننكر هنا، حساسية التوقيت، والظرف، وحالة الترقب والترصد داخل الأردن وفي المنطقة، إزاء كل ما يجري.
الغد