الغالية فيروز..
منذ يومين, وأنا أتابع ما يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي حول عيد ميلادك الـ (83 ,(وأنا من ضمن الناس الذين أحبوك جدا, واستمعوا لصوتك مطولا..
لقد كبرت على أغنية: (مرعية يا البنت مرعية..مرعية ولا بلا راعي).. وجئت أنت وقمت بمداهمتي بأغنية: (في ئهوة ع المفرء في موئدة وفي نار)..تخيلي كيف قفز ذوقي من (مرعية) إلى (ئهوة)... وكنت في البداية اعتقد أنك تقصدين (المفرق) المدينة ولكن تبين لي بعد أن كبرت أن مقصدك (التقاطع).
لقد أحدثت ثورة هائلة مرتبطة بذوقي, فأنا كنت احب (السامر) كثيرا.. وكنت أقف مع الرجال في آخر الصف, وكانت (الدحية) تلهمني.. وظننت أن السحجة ليست تراثا أردنيا فالعالم كله (يسحج).. وحفظت (أول القول ذكر االله.. والشياطين نخزيها).. وكان لابد من (صليات) متفرقة يطلقها (مشعل) لزوم الحماسة, وجئت أنت بأغنية (كنا نتلائى من عشية..نئعد على الجسر العتيق, وتنزل على السهل الضباب.. تمحي المدى وتمحي الطريق) هل تعرفين يا فيروز أني كنت أعتقد بكلمة (عشية) أنك تقصدين العشاء, وتبين لي فيما بعد أنها تعني المساء وليس العشاء.
ثورتك يا فيروز لم ترتبط بالذوق فقط, فأنت الوحيدة التي لم يصدح صوتها لحاكم عربي, واقتصرت الغناء على الأوطان, وأنت الوحيدة..التي لو قدر للبنان أن يضع رمزا آخر على علمه لوضع صورتك بجانب شجرة الأرز... وربما أنت الوحيدة, التي أخرجتني في طفولتي من عالم (الدحية) وعالم (سيارة الجيش بواقة بارض الوعر بنشرت فيه بنزين ما صيدها بنزين شفيرها واخلف النية) إلى عالم (أنا وشادي)..
هنيئا للحن, وللموسيقى, وللبنان.. عيد ميلادك, وهنيئا لهذا الأمة فهي لكثرة ما أنتجت من هزائم وخيبات, نسيت أن تعترف بأنها أنتجت انتصارا مهما هو فيروز.
فيروز الان في الـ (83 ) من عمرها, وأجزم أنها ما زالت صبية مثل بيروت.. بيروت لا تكبر ولا تهرم ولا تشيخ.. وفيروز كذلك.
الرأي