بقلم: الدكتور مروان الشمري
عجت الصحف والمواقع بمقالات المديح والثناء للملك المفدى بعد تسلمه باستحقاق جائزة رجل الدولة الباحث من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وهو معهد مستقل غير حزبي تموله أموال خاصة من مواطنين امريكيين حريصين على فهم الشرق الأوسط وبحث أفضل السبل لإيجاد علاقات منتجة ومفيدة للولايات المتحدة ودول المنطقة وسبق للرئيس الأمريكي بل كلينتون ان حاز على هذه الجائزة.
ما لفت انتباهي حقاً هو ان معظم هذه المقالات ركزت على الثناء دون إظهار الأهمية الحقيقية لاختيار الملك للحصول على الجائزة ومن هذا المعهد تحديدًا وفي ظل الظروف الإقليمية بالغة التعقيد.
سأحاول الاختصار وان أكون مباشرًا وصريحًا بعيدا عن التملق والمديح بلا محتوى، فالملك طبعًا لا يحتاج مديحنا بل يحتاج فعلاً من حكوماتنا وفكراً منها ومن شعبها يرتقي لمستوى تفكيره وطموحه لهذا البلد وهذا الشعب بعيدا عن اتفاقنا معه أو اختلافنا معه فيما يتعلق ببطانته.
اولاً: حاولت دولة الكيان وعلى مدار خمسة أعوام وبقيادة المجرّم مؤخراً نتنياهو مرارًا وتكرارًا تأليب الرأي العام الأمريكي على الملك والأردن وممارسة كل أنواع العهر السياسي والجلد من تحت الحزام وربما استخدمت من هم في اكناف المرجعيات الكبرى في الاردن سواء بعلمهم أو بغير علمهم في تنفيذ اجندة وضعتها دوائر الامن المغلقة للكيان بغرض نزع الشعبية العالمية التي يتمتع بها الملك والأهم من ذلك محاولات التأثير في قرارات الإدارة الأمريكية للضغط على الاردن غير ان هذه الجهود باءت بالفشل الذريع وما احترام المجتمع السياسي الأمريكي سواء الحزبي ام السياسي المهني للملك واحترام مؤسسات مستقلة كمعهد دراسات الشرق الأدنى للملك الا تاكيد على ذكاء استراتيجي وفطنة وحكمة تستحق منا جميعا الثناء والتقدير
ثانياً: عطفا على ما سبق ونتيجة الهجمة العالمية على الإسلام انبرى الملك وحيداً وأكرر وحيداً دون دعم أو سند عربي أو إسلامي للتصدي لحملة منظمة حاولت خلط الإسلام بالإرهاب واستطاع وحده وبجهود المخلصين كأفراد من ابناء الأمة من توضيح حقيقة ان المسلمين هم اكثر ضحايا هذه الآفة وأنهم براء من ايديولوجيتها اللعينة وهنا تأتي أهمية مصداقية الملك عالميا حيث يستمع له العالم اجمع كما نعلم كلنا وبذلك فان التداعيات السلبية للحملة الظالمة على الإسلام كانت لتكون اعظم وأكبر لولا الله ثم جهوده الحثيثة في كل منبر دولي وعليكم بالرجوع لمحتويات خطاباته وربطها بمستوى العنف ضد المسلمين ومستوى التغطية السلبية للإسلام ومع ذلك فقد نجح بكسب ثقة العالم وإقناعهم بضرورة التفريق وهنا تأتي الجائزة لتزيد من مصداقية ما قاله ويقوله حيث عادة ما تقترن المكافاة بمصداقية المكافأ بعد حصوله عليها وهكذا يفكر الغرب
ثالثاً: ان حصوله على الجائزة دون غيره من كثير من الزعماء ممن يستخدمون ضخ الأموال غير المعقولة في الإعلام الإقليمي والعالمي لتبييض صورتهم يرسل برسالة قوية ومهمة وهي ان المجتمع الأكاديمي والسياسي والسياسي المهني في الولايات المتحدة يعلم تمامًا ما الفرق بين قيادة تملك ايدولوجيا سليمة ونظرة استراتيجية متسقة مع المبادئ العالمية الإنسانية وبين من يستخدمون أموال دولهم فقط لتبييض صورهم في الوقت الذي تناقض افعالهم كل قول لهم.
اخيرا: ان حصول الملك على هذا التكريم المستحق يزيد من صدقية الرؤية الأردنية ( الملكية) وتصوراتها للحل الحقيقي لازمات المنطقة ويؤكد دون شك على أهمية ان تطلع الاردن بالدور القيادي والرئيسي اذا ما اريد للمنطقة ان تنعم بسلام حقيقي دائم وشامل يعيد الحقوق لاصحابها ويمنع مزيدًا من سفك الدماء
ما قلت الا حقاً وادعو الله ان يرزق ولي امرنا بطانةً صادقة صالحة مخلصة للتراب والعرش
* استاذ الإدارة الاستراتيجية في جامعة تكساس في تايلر