انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

كلّ شيءٍ قديمٌ هنا

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/19 الساعة 07:36
حجم الخط

مدار الساعة - انتقلتُ إلى الشقّة رقم 9 في البناية 36 أوّل أمس الأحد.

الأحد 11 نيسان 2021
14:15
تخنقني رائحة الدهان الجديد. وهذا ليس أمراً سيّئاً جدّاً، بما أنها ستختفي في غضون ساعات قليلة.

18:00
أُحاول إعداد وجبة عشاء سريعة، غير أن موقد الغاز لا يعمل. باستثناء الطلاء، كلّ شيء قديمٌ هنا، كلّ شيء غير قابل للاستعمال.

19:30
يُخيّل إليَّ أن كلّ شيءٍ سيتداعى في غمضة عين. هناك ريحٌ عاتية في الخارج، ولا أعرف إن كان المبنى يتمايل يميناً وشمالاً فعلاً. أواصل التشبّث بالكنبة.

20:10
يتصاعد غبارٌ عتيق من الكنبة التي تداعيتُ عليها. ليس عليَّ أن أُكرّر أنّ كلّ شيءٍ قديمٌ هنا.

20:55
بإمكاني أن أرى، بوضوحٍ، حياةً سابقة في الشقّة: جارةٌ ثرثارةٌ أتت وغادرت قبل قليل... زوجان يُمارسان الحبّ على السرير، تكاد أقدامهما تلامسني... طفلٌ صغير يلعب على السجّاد. عجوزٌ تبكي هناك، عند ركنٍ في المطبخ. لا أسمع أصواتاً، تماماً كالمَشاهد التي تأتيني من شاشة التلفزيون الذي يَعرض، الآن، وثائقياً عن الحرب العالمية الثانية.

21:35
الصمت. وعدَتني صاحبة البيت بأن لا ضجيج سيُزعجني في هذا المكان: لا سيّارات، لا جيران يصرخون، ولا أطفال يلعبون في الشارع. سأكتشف أنّني في مبنىً مهجور.

22:00
ليس الأمر كما تصوّرت. يبلغني صوتُ سعالٍ وتمخّط، وسيظلّ ذلك يتكرّر طيلة الليل.


الإثنين 12 نيسان
08:15
من النافذة، أرى ممرّضة تدخل إلى البناية.


اليوم، الثلاثاء 13 نيسان
08:15
عند الدرج، ألتقي بالممرّضة تخرج من الشقّة التي بجانبي.

09:00
أُحاول أن أفعل شيئاً مفيداً قبل أن أخرج. أعرف أن ما يُقابلني الآن هو مكتب زميلٍ استلَم وظيفته قبل يومَين، لكنّني لا أراه. أرى عجوزاً مُستلقياً على السرير، يسعل ويتمخّط. أقترب منه بحذرٍ، ثمّ أهوي عليه بشكلٍ مفاجئ... أضربه بعنف. وحول رقبته ألفّ أنابيب المحلول الغذائي الذي يمدّه بالحياة.

11:15
في طريقي إلى الغداء، أعرّج على مكتب مسؤولة الموارد البشرية لأستلم قرار إحالتي على المجلس التأديبي.

21:00
بينما أصعد درج المبنى، حيثُ انتقلت للعيش قبل يومَين، أرى باب العجوز المريض موارباً. بهدوءِ أتسلّل إلى الشقّة. سمعتُ أصواتاً مقرفةً لليلتَين متتاليتَين، وهذه فرصتي لأضع حدّاً لكلّ ذلك.

21:05
أسمع صوت أقدامٍ حذرة في الغرفة المعتمة. بينما أحاول تبيُّن الأمر، تضغط يدان قويّتان بوسادةٍ على وجهي. أقاوم بكلّ ما أوتيت من جُهد. أشعر بأنّي أفقد الوعي. هذا أحد كوابيسي لا ريب. ها أنا أصحو من النوم، لكن الجار الجديد، الذي انتقل إلى البناية قبل يومَين، لا يزال يضغط بالوسادة على وجهي.

وليد بن غزالة/ تونسكلّ شيءٍ قديمٌ هنا
الأكثر مشاهدة
1
كلّ شيءٍ قديمٌ هنا


محمد علاوة حاجي - العربي الجديد

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/19 الساعة 07:36