مدار الساعة - أطلق المركز الوطني لحقوق الانسان، اليوم الاثنين، التقرير السنوي الخامس عشر حول حالة حقوق الانسان في الأردن لعام 2018.
وقال المفوض العام للمركز الدكتور موسى بريزات خلال مؤتمر صحفي إن أبرز سمة لعام 2018 إذا ما تعلق الأمر بحقوق الإنسان كانت كثافة الاحتجاجات السلمية.
وأوضح أن ثلاثة عوامل اجتمعت لتجعل من حق الاحتجاج والتجمع العنوان الأبرز؛ وهي بحسب وصفه: تفاقم قضايا الفساد وتواضع جهود مكافحته، وتعثر مسيرة الإصلاح السياسي، وتراجع الحقوق الاقتصادية بشكل يثير القلق، بالإضافة إلى الظروف الإقليمية والدولية التي ضاعفت من حالة القلق والشعور والإحباط لدى المواطن. وعن الهدف من التقرير، قال بريزات إنه يتركز حول حماية تعزيز حقوق الانسان باستلهام رسالة الاسلام السمحة واستنادا الى ما تضمنه الدستور من حقوق وواجبات، اضافة الى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان على صعيد الفكر والممارسة، اضافة الى تعزيز النهج الديمقراطي في المملكة لتكوين نموذج متكامل ومتوازن يقوم على اشاعة الحريات وضمان التعددية السياسية، واحترام سيادة القانون لاسيما الحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعن ابرز التحديات اشار الى تبني مستوى من الإدارة والتخطيط الإستر اتيجي الحقيقي المستند الى معلومات دقيقة حول الإمكانات والتحديات، والوصول إلى توافق وطني بشأن ما يمثل الأساسيات للدولة والتي يقود غياب التوافق الوطني بشأنها الى هشاشة في اللحمة الوطنية واتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع، وبروز التوجهات السلبية بين صفوف المواطنين.
وشدد بريزات على أهمية القناعة بعدم كفاية الإصلاح الاقتصادي بمفرده وضرورة العمل من أجله، ولا بد من اقتران الإصلاح الاقتصادي بآخر سياسي وجوهر ي رديف، ووضع الدولة على طريق إقامة نظام ديمقراطي وتعددية سياسية بما يزيل كافة التحديات والعقبات التي تعرض لها التقرير.
وعن الحق في الحياة والحرية الشخصية والأمان الشخصي، والحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والاعلام وحق الوصول الى المعلومات وغيرها من الحقوق، نوه التقرير إلى أن الحوادث المؤسفة الناجمة عن الفيضانات في منطقة البحر الميت ومادبا والمناطق الصحراوية التي أودت بحياة أكثر من 30 شخصاً العام الماضي، وكذلك حادثة سيول البحر الميت التي أودت بحياة 21 شخصاً، كشفت عن هشاشة البنية التحتية في مناطق عديدة من البلاد، وضعف الاستعدادات لحالات الطوارئ، وبطء الإستجابة من الأجهزة المعنية.
يقابل ذلك - وفق التقرير - بروز دور مقدر للجهود الفردية لدى أفراد من جهاز الدفاع المدني والمواطنين العاديين الذين فقد بعضهم حياته وهم يحاولون إنقاذ أطفال المدرسة في حادثة البحر الميت. وأشار إلى صدور 23 حكما قضائياً بالإعدام لم ينفذ أي منها بعد، وتم تخفيف هذه العقوبة في 5 قضايا جراء العفو العام.
وأشار التقرير إلى تلقي المركز 107 شكاوى ادعى فيها مواطنون أو ذووهم لتعرض أشخاص محتجزين أو سجناء للتعذيب، دون أن يتمكن المركز من التأكد من صحة هذه الادعاءات في غالبية هذه الشكاوى، مؤكداً بهذا الخصوص أن ممارسة التعذيب ليس سياسة ممنهجة لدى المؤسسات الأمنية. ونوه المركز الوطني لحقوق الانسان بتعاون مكتب الشفافية وحقوق الإنسان في مديرية الأمن العام مع المركز في معالجة شكاوى المواطنين.
وأظهر التقرير تراجعاً ملحوظاً في أعداد الموقوفين إدارياً العام الماضي، مقارنة بالعام 2017، إذ بلغ عدد الموقوفين إدارياً 37683 في عام 2018، مقارنة بـ347952 عام 2017.
وفيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير أشار التقرير إلى أن الأردن شهد في عام 2018 ظاهرة المسيرات الطويلة سيراً على الأقدام التي قام بها متعطلون عن العمل من محافظات العقبة ومادبا والمفرق والطفيلة والكرك للوصول إلى الإعتصام أمام الديوان الملكي.
وعلى الرّغم من التّطور المُحرز في المنظومة القانونيّة الجزائيّة بتبني مبدأ العقوبات البديلة وبدائل التّوقيف، فقد رصد المركز الوطنيّ لحقوق الإنسان تطبيقاً محدوداً للعقوبات البديلة خلال عام 2018، كما لم يرصد المركز أيّ تطبيق لبدائل التّوقيف القضائيّ لعدم توفير مستلزمات تنفيذها القانونيّة والماديّة على حدٍ سواء.
كما تبيّن للمركز الوطنيّ من خلال زياراته الميدانيّة إلى محاكم المملكة الهادفة إلى رصد إنفاذ الحقّ في محاكمة عادلة ضرورة إعادة النّظر بعدد القضاة في محكمة صلح عمان وفق دراساتٍ إحصائيّة لحجم العمل، وبالوقت ذاته اثنى على تطبيق نظام الغرف القضائيّة المتخصّصة في محكمة بداية عمّان واوصى بتعميمها على محاكم المملكة كافةً.
وبلغ عدد الشكاوى التي تلقّاها المركز الوطني لحقوق الإنسان في عام 2018، والمتعلقة بالحقّ في محاكمة عادلة 44 شكوى، تمحورت حول طول أمد التوقيف القضائي، ورفض طلبات إخلاء السبيل، والتظلّم من بعض الإجراءات القضائية. وعن الحق في الجنسية والاقامة والتنقل وبحسب التقرير فقد شهد موضوع اللاجئين الفلسطينيين عام 2018 منحنى خطيراً تمثل في العجز المالي في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لإغاثه وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) والذي كان سببه المباشر قرار الإدارة الأميركية بوقف المساعدات والالتزامات المالية الاميركية.
وشهد عام 2018 إعلان الحكومة الأردنية بأنها لا تمانع من العودة الطوعية للاجئين السوريين الى بلادهم، وقامت بإصدار 94074 تصريح عمل للاجئين السوريين في قطاعات مفتوحة للعمال الأردنيين منذ عام 2016 وحتى 31 /12/ 2018، وتم الحاق 35000 طالب سوري في المدارس للعام الدراسي 2018 /2019، كما بلغ عدد اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء على الاراضي الأردنية 125513 لاجئاً.
وأكد المركز على توصياته السابقة بضرورة إعادة النظر بقانون الانتخاب بما يضمن النهوض بالعملية الديمقراطية في الأردن وتمثيل كافة الأطياف ووصول الأحزاب إلى مجلس النواب لضمان الحد بصورة أكبر من المال السياسي مع التأكيد على ضرورة تقسيم الدوائر الانتخابية بموجب قانون وليس بموجب نظام.
وعن الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والتي تتضمن الحق في التنمية، والحق بمستوى معيشي لائق، الحق بالعمل والتعليم والصحة، أشار التقرير إلى إن الأوضاع الاقتصادية والتنموية لم تشهد أي تحسن خلال عام 2018 على اعتبار أن الاردن واجه العديد من التحديات التي اثرت سلبا على تمتع المواطن بمستوى مقبول من الغذاء والسكن والمياه والصرف صحي. وبالنسبة للطلبة السوريين، سهلت وزارة التربية والتعليم إجراءات تسجيل الطلبة السوريين في المدارس الحكومية المسائية والصباحية باتخاذها عدة إجراءات. من جهة أخرى قال التقرير إن خدمة الصحة تواجه جملة من التحديات من أبرزها: نقص أطباء الاختصاص في عدد من المجالات الرئيسية اضافة الى تفاقم ظاهرة الاعتداء على الكوادر الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية.
وعن حقوق الفئات الأكثر عُرضة للانتهاك أشار التقرير إلى عام 2018 شهد تطورات على حقوق المرأة منها صدور قانون المعدل لقانون التقاعدة ة المدني، واصدار تعليمات المعدلة لتعليمات تنفيذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بمنح ابناء الاردنيات المتزوجات من غير الأردنيين التسهيلات لسنة 2018 والمتضمنة الغاء شرط اقامة الام الأردنية اقامة دائمة في المملكة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وكذلك اصدار تعليمات العمل المرن، وتعليمات دور ايواء المعرضات للخطر لسنة 2018. وأضاف أن عام 2018 شهد بعض التطورات الإيجابية على صعيد دعم حقوق المرأة ومنها رفع حصة النساء في مجلس الوزراء لتبلغ 25 بالمئة وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سلك القضاء لتصل إلى 20 بالمئة وافتتاح دار "آمنة" للمعرضات للخطر.
كما شهد عام 2018 تطورات ايجابية على حقوق الطفل من وجهة نظر التقرير إذ صدر نظام دور الحضانة وتناول شروط التحاق الطفل بالحضانة وتعليمات ترخيص دور الحضانة وتعليمات ترخيص مراكز التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة. وعن حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة فشهد عام 2018 صدور الإرادة الملكية بالموافقة على معاهدة مراكش لتيسير نفاذ الأشخاص المكفوفين أو ذوي الإعاقة البصرية أو إعاقات أخرى إلى المصنفات المنشورة لقراءة المطبوعات لسنة 2018، وتعليمات لجنة تكافؤ الفرص في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعليمات ترخيص مراكز التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة، وتعليمات اقتطاع ضريبة الدخل والتي نصت المادة 9 منه على "يعفى مبلغ (2000) دينار من دخل المكلف لكل شخص من ذوي الإعاقة المستمرة والدائمة عن نفسه أو زوجه أو أولاده المعالين من حاملي البطاقة التعريفية". وعن حقوق كبار السن اشار التقرير الى انه صدر عام 2018 القانون المعدل لقانون التقاعد المدني، منوهاً إلى ضعف الاستفادة من خبرات وطاقات المسنين في الدور الإيوائية والأندية بما يؤدي إلى ضعف مستوى نقلها إلى الأجيال المستقبلية والتواصل بينهم، إضافة إلى ضعف في تشغيلها لسد احتياجات كبار السن بالعمل.