العربي الذي اعتلى قمة كأس الكؤوس السادسة عشر، لم يكن إنجازه وليد لحظة، أو أن الحظ ابتسم له فجأة، بل كان وفق منهج و استراتيجية مدروسة امتدت عدة سنوات، بدأت بإجراء عملية إحلال وتبديل، ليكون البديل جيل يافع، تمرس حروف كرة اليد من أولى صفحات المنهاج، حتى بات على معرفة بأصول وقواعد اللعبة، بل إن هذا الجيل أصبح يقدم أسلوبا يخلو من تعقيدات الأداء، لأن حماسة الشباب، جعلت السرعة في تنفيذ الواجبات الدفاعية والهجومية، حاضرة طيلة الـ ٦٠ دقيقة.
ما يجعل الذي حققه العربي لافت، ويستحق الوقوف عنده، نقطتان هامتان، الأولى، أن النادي اعتمد على صناعة جيل ناشئ من أبنائه، وقد تحمل تبعات هذا النهج لأنه ابعده عن منصات التتويج، نظرا لخبرة لاعبي فرق الأندية الأخرى.
أما النقطة الآخرى تتمحور حول عشق العودة لكرة اليد إلى مسارها الصحيح من مجموعة من أبناء النادي القدامى الذين كان لهم إنجازات لا مثيل لها إبان الألفية الماضية.. فالتركيز انصب على إعادة بناء اللبنة الأساسية، بأن يكون العمل من باب عودة إسم النادي إلى الواجهة، دون الالتفات إلى أي شؤون إدارية تتعلق بما كان يمر به النادي من فترة إلى أخرى، من هزات مالية أو إدارية، لتبقى المسيرة تسير وفق الإمكانات المتوفرة، دون أن تتبلور فكرة تجميد اللعبة على غرار ما أعلنته أندية ثانية، حيث كان هنالك دائما في إدارات النادي العربي المتعاقبة، من كان يقف إلى جوار اللعبة بكل طاقاته لبقاء كرة اليد في ميدان التنافس.
ملامح التحول في مسيرة العربي، بدأت تتضح منذ أربعة أعوام.. فالفريق كان له حضوره الواثق في بطولات الفئات العمرية.. وبذات الوقت حافظ الجيل الناشئ على مكانة النادي بصفوف أندية الكبار مبتعدين عن دوامة الهبوط.. وهو ما جعلهم يتجرعون الخبرة، ويصقلون مهاراتهم للتناسب مع طبيعة الأجواء التنافسية، بل أن الفريق كان يقدم في كل بطولة الجديد، نظرا لحماية عناصره.
المفاجأة التي حققها العربي كانت مدوية ومن العيار الثقيل، خصوصا أن الترشيحات صبت لصالح السلط بتحقيق الفوز لميزات عديدة.. نضف إلى ذلك أن الفريق حقق نتيجة باهرة بالفوز بفارق ٥ أهداف، في صورة جديدة، بعد أن كانت مشاهد التنافس على الألقاب، تنتهي بفارق هدفين أو ثلاثة على أبعد تقدير.
الوقوف مع ما حققته كتيبة العربي قد يحتاج إلى المزيد من السرد الفني، لكن نشير أن منظومة فرسان الشمال لمعت نجوميتها الموسم الماضي، بل وأفرزت هداف من الطراز الرفيع الضارب يزن فتح الله الذي تصدر قائمة الهدافين بتحقيقه ١٢٢هدفا، متقدما على محترف تونسي وأخر سوري لعبا للسلط، في إشارة على براعته، ومذكرا هو وزملائه بقيادة المخضرم محمد حسن بالماضي العريق للنادي العربي الذي كان من أميز أقطاب كرة اليد في زمن نخبة من النجوم نستذكر منهم، إسماعيل حسن، حسين بني هاني، جمال فتح الله، جمال البحيري، عبدالله المصطفى، ناصر قردحجي، بسام نجم، ابراهبم البحيري، بهاء فتح الله، باسل زهير، زاهر الشخشير، مفلح بطاينه و اياد العزام وغيرهم ممن قدم للعبة وللنادي عطاء غير محدود.
أخيرا نشيد بما قدمه أبناء النادي العربي، إدارة ولاعبين ومدربين، فقد ذكرتمونا باهازيج الماضي العريق بإتقان عزف أنشودة المستقبل.