بقلم: أ. د. عدنان مساعدة *
تشكل الزراعة ركنا مهما من أركان اقتصاديات الدول، ونحن في الأردن ما زالت الرقعة الزراعية المستغلة دون المستوى المطلوب الذي يفي باحتياجاتنا، وقد يكون مرد ذلك الى عدم وجود سياسات زراعية واضحة قابلة للتطبيق تشجع المزارعين وتحمي منتجاتهم، مما ولدّ تقاعسا كبيرا وتراجعا ملحوظا خلال العقود الماضية وأنعكس ذلك سلبيا على الانتاج الوطني من هذا المرفق الحيوي.
وكم نتألم كثيرا لحال تلك الأراضي البور في قرانا وبوادينا وضواحي مدننا بل وفي صحرائنا الجميلة، في الوقت الذي نجد فيه الألاف من شبابنا لا يعملون ويترفعون عن العمل الزراعي في تلك الأراضي، اعتقادا خاطئا منهم أن الأرض لا تنتج. ولنعترف هنا ان السياسات الزراعية ما زالت دون المستوى المطلوب لتوجيه هؤلاء الشباب للعمل في هذا القطاع وتقديم التسهيلات الممكنة لهم لينعكس ذلك على عجلة الإنتاج الزراعي من جهة، ولتقليل نسبة البطالة بتوفير فرص عمل حقيقية في قطاع الانتاج الزراعي لهؤلاء الشباب من جهة ثانية.
لقد وجه جلالة سيد البلاد حفظه الله دائما للاهتمام بالزراعة وضرورة العودة الى الأرض ومراجعة السياسات الزراعية لتنعكس على واقع الزراعة في أردننا الغالي ادراكا لأهمية هذا القطاع الحيوي في مسارات الانتاج والتنمية وتحقيق الاعتماد على الذات.
لذا، فان العودة الى الأرض يعتبر محورا هاما لكي نعيد للحياة نضارتها وبهجتها وهدوءها، وليستعيد هذا القطاع عافيته لينهض من جديد كمورد رئيس من موارد الدخل الوطني. كما ان العودة للأرض ليصبح ذلك واقعا عمليا نمارسه ضمن مفهوم الزراعة الشمولي الذي يزيد من دخل الوطن والمواطن، ويحفظ بيئتنا خضراء نظيفة حيث أن الأشجار قادرة على امتصاص الملوثات وتقلل من آثارها الخطيرة على صحة الأنسان، ولا يتم ذلك الا بامتلاك الارادة القوية والادارة الفاعلة المخلصة لتتفاعل وتمتزج بعرق المزارعين وجهودهم وكدهم وتعبهم، لأننا اذا أخلصنا الجهود تجاه الأرض فلن تبخل علينا بالعطاء والإنتاج، وعندها سيشرق وجه الأرض من جديد وقد كست ربوع بلادنا الخضرة الدائمة والعطاء الخير.
ولنتذكر أغلى الرجال المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه الذي سجد لله وقبّل تراب هذه الأرض قبل أن يلقى وجه الله راضيا مرضيا في عليين، وهو في ذلك يدعونا الى الالتصاق والتمسك في هذا الثرى ومقدرات هذه الارض ما دامت لنا الحياة، كما نتذكر شهيد الوطن وصفي التل ابن الاردن البار والمنتمي صدقا لهذا التراب الذي أمتزج عرقه بثرى تراب الوطن الذي أحب فكانت الزراعة محور اهتمامه يحرث الارض بنفسه وبقيت تسري بدمه الطاهر الى أن لقي الله شهيدا.
وقديما قيل لا خير في أمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع ولنجعل من ذلك تطبيقا عمليا لينعكس تسارعا وتنمية على عجلة الانتاج وزيادة السلة الغذائية التي توفر للوطن ولأبنائه الكرامة وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي الشامل، لنواجه تحديات المستقبل بتخطيط وعزيمة الأوفياء وجهود سواعد المخلصين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وحمى الله الأردن وطنا عزيزا قويا وعصّيا على كل العاديات ترعاه عين الله وتحرسه سواعد الرجال الأقوياء الأمناء الذين عاهدوا الله أن يبقوا الأوفياء لهذه الارض الطيبة ما دامت الحياة، ودام جلالة الملك سيدا وقائدا وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين.