سبق لتركيا ان اغتصبت لواء الاسكندرون وهي منطقة واسعة يوازي شاطئها على المتوسط بقية الساحل السوري كله، ومؤخرا قامت بادعاءات أمنية باحتلال شمال وسط سورية. وأول من أمس باشرت القوات التركية حملتها الموعودة لاحتلال شمال شرق سورية
وتركيا لن تضم هذه المناطق كما فعلت مع لواء الاسكندرون لكنها لن تخرج منها حتى بعد القضاء على آخر كردي واستتباب الأمن كليا
لكن من قال ان الأمن يمكن ان يستتب ابدا؟! تحت امرة تركيا الآن ليس ميليشيات النصرة وفصائل اسلامية اخرى فحسب، بل كل الميليشيات والمجموعات بما فيها العاملة تحت عنوان للجيش السوري الحر، ولم يخجل اي منها من اعلان نفسه تحت تصرف القوات التركية موافقين على نقلهم عبر الاراضي التركية الى خطوط المواجهة مع قوات سورية الديمقراطية. بهذا اصبح هؤلاء جماعات مرتزقة يحاربون حيث يطلب منهم بدون قضية وطنية وغدا سيتصرفون كما يريد السيد التركي بما في ذلك اعاقة المصالحة الوطنية وابقاء النزاع والاسباب لديمومة الوجود التركي على الاراضي السورية
ذريعة مكافحة الارهاب هي حجة تركيا. والمقصود حزب العمال الكردستاني الذي تصر تركيا ان قوات حماية الشعب الكردي السورية تتبعه. وحتى هذه الحجة لا تخولها احتلال اراضي الغير اذ يمكنها نشر قواتها على الحدود وضرب اي عمليات تسلل او تواصل بين الجانبين، حدودها التي كانت مفتوحة طولا وعرضا لإمداد داعش بالعتاد والرجال وتجارة النفط معها
الآن فقط وبعد دحر داعش وسيطرة قوات سورية الديمقراطية اصبحت المنطقة تمثل خطرا أمنيا؟! ما سيحصل اليوم هو إلغاء كل المكتسبات بسحق القوة الوحيدة التي وقفت بوجه داعش وملأت الفراغ العسكري والأمني وضرب قوات سورية الديمقراطية سيحرر عشرات آلاف الدواعش من السجون وسيعيدون تنظيم انفسهم بدعم تركي، وستلبسهم تركيا ثوبا ومسميات اخرى مثل النصرة والفصائل الأخرى شمال ادلب وحتى الحدود التركية
لا نضمر العداء لتركيا فهي قوة اقليمية اقتصادية وسياسية معتبرة، نريدها صديقا وشريكا في الاطار الاقليمي والاسلامي، لكن اطماعها التوسعية لا تحتمل تماما مثل ايران وضحيتها القريبة والمباشرة سورية، كما هو العراق ضحية ايران المباشرة
ومع الاسف فإن البعض عندنا يؤيدون التدخل التركي بسبب ما يرونه النزعات الانفصالية او الصداقة الكردية لإسرائيل وهذا انطباع مشوه وممزوج بنزعة شوفينية عربية اضرتنا كثيرا في العلاقة مع الشعوب غير العربية التي تعيش في دولنا. فحروب الابادة والسحق التي تعرض لها اكراد العراق دفعت بعض أوساطهم فعلا لنشدان صداقة أعداء اعدائهم ويجب ان نحاسب انفسنا على دفعهم بهذا الاتجاه مع ان قيادتهم السياسية واعية للأمر وهي تأخذ كل يوم الموقف السياسي المعلن الصحيح بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني. أما أكراد سورية فليس لديهم اي برنامج انفصالي بل ينشدون الاعتراف بحقوقهم الاثنية في اطار الدولة السورية وهي حقوق تم مواجهتها بالطمس والقمع الشرس