لو جرّبتَ أن تقف أمام المرآة وتسأل الذي بداخلها: من أنت؟ لأجابك : مواطن..ولكنّ صوت ((الأرفل)) سيأتيك من خلفك وهو يقرقر: شو يعني؟ لن تستطيع أن تجيب على هذا السؤال..!
بلاش المرآة ؛ فهي لحظة خلوة بداخل غرفة والإنسان بتلك اللحظة يتحوّل إلى (فيلسوف كافر)..! ماذا لو كنتَ تأكل (فلافل بايت) و خبزاً (أبيت من البايت) و أمامك (شوية مخلل فيه طعم بداية الانتهاء ) ومعك عيالك؛ وفي منتصف اللقمة الثانية وأنت تقضمها تماماً سألك أحد عيالك وهو يحدِّق في عيينيك : بابا مين إنت؟؟ ..اترك المزح جانباً..شعورك الآن أنه يسألك جاداً ..شعورك أنه يحصرك في اثنين سنتيمتر ..يريدك أن تجيب بصدق عالي الشفافية : من أنت..؟.
هل ستقول له: مواطن كما تفلسفتَ على الرجل الذي في المرآة..؟ لن تفعل ذلك؛ لأنك تتحمّل ضحك الأرفل ولكنك لن تتحمّل ضحكة (العيّل) الذي سألك..لن تتحمّل نظرة عينيه..بل لن تتحمّل شبه ابتسامة شامتة ترتسم على شفتيه لبؤس إجابتك..!
آه؛ تذكرت..اللقمة الثانية التي قضمتها لها احتمالان : إما ستمضغها و أنت تستدعي مكرهاً دموعك الحارة و تتحوّل لقمتك إلى غُصّة أو إنك ستتخلص منها بوضعها في يدك والنظر بعيني طفلك وتقول له بصوت متهدّج وأنت تقوم من مطرحك: ينعن أبوك بس..!