غزة الحنونة

أنا أتابع ما يحدث في غزة، أتابع حركة الناس ووجوههم، شكل المباني والشوارع حتى الأشجار التي تظهر أتابعها... وأيضا استمع للناس التي تتحدث عن قصف منازلها، عن العائلات التي فقدت أحبة وشهداء، عن الاباء الذين خسروا أولادهم، عن الأمهات اللواتي ذرفن دمعة حرة وهن يروين تفاصيل الشهادة..

الغريب أن الناس تستشهد هنالك في البيوت, لم يقل أحد منهم: أني كنت أمارس السباحة مع أولادي في المسبح الموجود خلف منزلي وفجأة سقطت قذيفة؟ هل يوجد مسابح داخل المنازل أصلا في غزة؟... ولم تقل سيدة في غزة أنها كانت تحضر اجتماعا في فندق (غزة بالاس) عن الجندر والمجتمع النسوي، واثناء استراحة الشاي التي تخللها تناول الكيك سقطت قذيفة, مما أدى لخراب التسريحة وزوال أحمر الشفاه... وسقوط يافطة علقت على طاولة المتحدثات تقول: (المجتمع الأبوي قاتل).

كان بودي أن أرى (فيلا) في غزة، كان بودي مثلا, أن أرى شبابا (مايصين) يحملون أي فون (بلس) ويضعون السماعات, ويرتدون بنطلونات من نوع (مسحول)... ويصرخون بأعلى صوتهم ويشتمون اسرائيل لأنهم كانوا يمارسون لعبة (الببجي) وقصفوهم...

كان بودي أن أرى صبايا, جئن من مادكونالدز مثلا.. وذهبن للسينما, واحتفلن بنجاح مبادرة أسستها سوزان الصديقة الأقوى في (الشلة).. والمبادرة تحمل اسم (يلا انفيع)، وهي تدعو للحرية وتجاوز الأثر النفسي للكورونا.. وأثناء تناولهن (الأبل كيك) جائت قذيفة واحترقت غرت (ام السوس)، وبدأن بالبكاء والصراخ..على الشاشات... كان بودي.. ولكن كل النساء في غزة (باليانس)، كل النساء في غزة اللواتي ظهرن على التلفاز.. رفضن إظهار وجوههن على الشاشة, كلهن انشغلن بالأزواج والأولاد والموسيقى هنالك واحدة صوت الصواريخ وصوت القذائف..

كنت أتمنى أن أرى في غزة, (لاند كروز).. غريب كل السيارات هنالك (خردة).. ولكن القلوب جديدة.. بعكسنا نركب سيارت جديدة بالمقابل القلوب (خردة)..

وددت عبر هذا المقال أن أرسل رسالة للدكتور أمين محمود الذي كان يحدثنا دوما عن الجامعات، والمدارس الغربية..وأهمية فتح الأفق لأولادنا كي يذهبوا لجامعات الغرب ويتعلموا الأدب والعلوم والمعرفة....

عزيزي الدكتور أمين..

جامعات الغرب كذبة، وكل شهادتها أكذب...أنا أخطط أن أرسل ولدي (زود) حين يصل عمر الـ (18) إلى غزة، إلى مخيم الشاطىء بالتحديد، أريده أن يحصل على بكالوريس في الصبر ودبلوم في الرجولة، وليكمل الدكتوراة في الإيمان..لقد تبين لي دكتوري الفاضل أن غزة هي الجامعة الحقيقية وهي التعليم الحقيقي ومادونها مجرد هراء...

على الأقل هنالك لن يكلفني دولارات، ولن أرسل له حوالات...ولا ثمن تذاكر...سيكون بين أهله..وغزة حنونة على الكرك..وهل يوجد بلد في الدنيا أحن عليها منا.

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي