الملك..

نحن كتاب التدخل السريع.. ونحن كتاب التسحيج والتطبيل والتزمير ونحن الذين نزين الخراب, ونبرر الخطيئة, نحن الذين نصفق للظلام.. ونربي الغربان ونسرق حروفنا من الضباب..

تلك مقدمة لابد أن أسردها توفيراً, على من سيكتبون تعليقاتهم على (الفيس بوك) حول هذا المقال..

ماذا حدث في السلط أول من أمس؟ كان غضب الناس أشبه بعاصفة ستجتاح وطنا كاملاً فالحدث ليس هيناً, وكان الوجع يمتد من العقبة وحتى الرمثا.. الأردني لايترك السلط وحيدة, والأردني لايترك الكرك وحيدة.. ولا يترك البقعة منفردة.. ولا يترك معان ولا إربد.. ما حدث, دل على أن الأردنيين لهم كف واحدة وقلب واحد ووجه واحد... كانت السلط حاضرة في كل منزل أردني, وفي كل قلب وفي كل عين..

زيارة الملك أطفأت فتيل الأزمة, كانت رسالة داخلية وخارجية.. داخلية من حيث أن الملك هو الأب, وهو رمز الدولة وعنوانها.. وأن حضوره وشعبيته بالرغم من حجم الوجع وفداحة الخسائر في القمة, زار السلط دون أن يحتاج لحرس يأتون قبل الزيارة.. ودون وضع (القناصين) فوق الأسطح.. والذين التفوا حول الملك وحموه بعيونهم هم الناس.. في الأزمات الشعوب تصب جام غضبها على السلطة, ولكن السلط في قلب الأزمة, نظرت لزيارة الملك على أنها الأكسجين الذي استعادت عبره الأنفاس..! لدي سؤال لو جاء الملك وحيداً من دون حرس.. ماذا كان سيحدث؟ سيحمله ا?ناس حتماً على الأكتاف وسيطوفون به المدينة.. وسيمحي من قلوبهم الوجع, أنا لم أشاهد قائداً سياسياً.. بل شاهدت ملكاً يحمل شعباً كاملاً على كفيه..

أما خارجياً..

أتحدى أن تجد زعيماً في منطقتنا العربية, يجرؤ أن يزور شعبه في قلب أزمة ضخمة.. دون ألوية من الحرس, ودون جحافل من المخابرات.. ودون إخلاء الشوارع, ونشر المدرعات فيها.. الملك زار السلط دون ترتيبات, وردة الفعل أظنها وصلت عبر كل السفارات, إلى من يراهنون على تفسخ أو تشظي المجتمع الأردني... أو تدني مصداقية السلطة.

الملك أطفأ شرارة كانت ستشعل البلد, ووعي (السلطية) كان له أكبر الأثر في لثم الجرح والوقوف من جديد, أجزم أن هذه الكارثة بالرغم من حجمها, وحجم الدمع فيها قدمت صورتنا الحقيقية للعالم, نحن شعب لا يقبل القسمة.. ولا يقبل التشظي أو التشفي, ووحدتنا الوطنية في أعلى صورها..

أما السلط.. فليحم الله رجالها وشبابها وبناتها.. لأنها (أم العطاء), ودرة المدن الأردنية, ولأنها تقف على جبل.. وقررت أن تكون منازلها فوق الجبال.. فكان كبرياء أهلها مثل الجبل, وكانت أخلاقهم.. أعلى من الذرى.

Abdelhadi18@yahoo.com

الرأي