القرعان يكتب: «الاصلاح» ينبثق من الذات

بقلم الدكتور محمد كامل القرعان

بالنظر في اللحظة الراهنة في الواقع السياسي والاقتصادي بشكل عام ، وبتداعيات المرحلة (كورونا) المشوّشة ، وفي ظلّ الانتكاسات المتكررة في مشوار الاصلاح والصورة المشوّهة في إدارة عجلة التغير ، مما أدىّ لظهور دعوات لتجديد النخب واعادة النظر بالقوانين الناظمة للحياة العامة ، واستحضار المقومات الوطنية َ، بدت لنا أهمية قراءة المشهد الوطني بكل ابعاده ومعطياته ، لفهم ما يجري من انتكاسات في طريق مسيرة الاصلاح وتشابكاتها مع أنماط الحكومات، والنخب وبالصورة الحقيقية للمشهد ودلالاته، ولتأسيس وصياغة مشروع الإصلاح ليشمل قوانين الاحزاب والانتخابات والحفر في طبقاته وتحديد أسباب اخفاقاته ومآلات نجاحاته، لنقف على أهم المميزّات في الرؤي المطروحة، التي يُراد بها انتشالنا من حالات التشظيّ .

ولا بد من قراءة مسارات النهضة في تقاطعاتها في مجال التطوير والتحديث ، وقضايا النكوص في الأطوار والإشكاليات والمعوّقات واستكمال المهام نحو التجديد لأن الإصلاح بمفهومه الشامل لا يمكن أن يقف عند ممارسات معينة، وإنما هو مفهوم يتجسّد في مجالات معرفية متنوعة، دينية، فكرية، إنسانية، إعلامية، سياسية، وثقافية وقيمية وممارسات.

ويتوجب اعتماد عناصر التغيير من الامكانات الداخلية والاستعانة بالكفاءات الاكاديمية والخبراء في الجامعات الأردنية ، كمنطلقات وعوامل مولّدة لشرارة العمليّة التغييرية ، وموقدة لجذوتها وحاملة لشعلتها الإصلاحية ، وفق خطّة طريق واضحة المعالم يسيرة الأسس، رفيعة الأهداف والغايات.

واية عملية تغييرية نحو الاصلاح، وفي عملية التشخيص الصائب للمشكلات والمعوقات ينبغي ان تنبعث وتنبثق من الذات ، وعلى مستوى الدولة والفرد، ومقوّماتها الداخلية، وتنطلّق ، كمداخل متنوعة وأساسيّة تصب في سنخ عملية التغيير ، بمقدار رؤيتها وخطتها وعلاقتها بنظم التصوّرات والاهداف، وتحاج إلى تشريعات ضابطة، لانعكاس هذا الانضباط على الدولة ومؤسساتها ككل للبناء على مرحلة التطوير والنمو والاعتماد على النفس وتحقيق مهمّات ضرورية واساسية لتحقيق مخرجات متكاملة في جوانبها النهضوية.

وهو ما يتطلب من الدول الراغبة في التغيير والاصلاح أن ترسم استراتيجية بناء جديدة للدولة تكون شفافة ونزيهة وواضحة ومرتكزا أساسيا فيها وهي الثورة الحقيقية التي تنتج واقعًا جديدًا.