تقرير ( IHME) والسيناريوهات المرعبة

اصدر معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) في كلية الطب بجامعة واشنطن في سياتل نماذج توقعات اظهرت ارتفاعاً حاداً في عدد الوفيات المتوقعة في الأردن بسبب فيروس كورونا، التي قد تصل إلى 5,593 وفاة بحلول نهاية هذا العام، أي بارتفاع يقدر بـأكثر من 6 أضعاف الرقم الذي توقعه المعهد ذاته في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، استنادا للحالة الوبائية آنذاك.

توقعات مرعبة وخطيرة حتى في افضل السيناريوهات المتوقعة، والغريب ان الاجراءات التي اوردها التقرير كنا قد تحدثنا عنها كثيرا، واشرنا لها مرار في اوقات سابقة، الا انها لم تجد اذانا صاغية، وذهبت كلها في ادراج الرياح، وكأننا بعيدون عن الواقع.

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل السيناريوهات التي تبدو انها مخيفة وستكون مكلفة جدا على الدولة بمقدراتها والمواطن بشكل عام.

خاصة ان التقرير يشير الى ان « إجمالي عدد الإصابات في الأردن بلغ حتى السبت الماضي 141,305 حالة، مع 1,704 وفاة، إلا أن الرقم الذي يجب أن يثير اهتمام الجميع هو عدد الأشخاص الذين لم يتعافوا من المرض بعد، ويقدر بأكثر من 129 ألف شخص، 455 منهم في حالة حرجة.

وهنا يقول المعهد بان سيناريوهات صادمة في المستقبل لا سمح الله بسبب عدد الاصابات ومدى انتشارها خاصة في ظل الاختلاط والاجتماعات في ظل الانتخابات نتيجة لعدم التزام نسبة كبيرة بالارشادات واساليب الوقاية. لافتا التقرير الى « ان مثل هذا الموضوع يجب ان لا يتم في حالة انتشار الاوبئة».

وحذر من عجز النظام الصحي في المستقبل بشكل كبير سواء من حيث الاسرة وغرف العناية الحثيثة التي لم تتنبه له الحكومة منذ بداية الازمة لتعزيز هذا القطاع الذي يبدو انه يسير باتجاه صعب وسيئ جدا في حال استمر الوضع على ما هو عليه لا قدر الله، كل هذا يجري على الرغم من اجراءات الاغلاق والحظر المشددة.

وكنا قد اشرنا سابقا الى ضرورة اخذ الحيطة والاستعداد للاسوأ في تطوير الجهاز الصحي،وتشديد الاجراءات وتغليظ العقوبات وتنفيذها بنفس الوقت على المخالفين.

وحذرنا مرارا من التصريحات الرسمية المتناقضة في الأرقام والبيانات الخاصة بقدرات النظام الصحي، مع عدم وجود مرجع رسمي واضح للحصول منه على هذه البيانات، وهذا ما اكد عليه التقرير وواشار اليه، وللأسف ما زال مسلسل التناقض مستمرا خاصة في موضوع الاسرة وجاهزيتها.

اما الاخطر في التقرير هو حاجتنا الضرورية إلى 13 ألف سرير في المستشفيات في فترة الذروة، في حين أن المتوفر منها لا يتعدى في أحسن الأحوال 5,788 سريرا.

اضافة إلى 5,264 سريرا في وحدات العناية المركزة في فترة الذروة، بينما لا تتوفر لديه سوى 284 سريرا، إضافة إلى العجز الكبير في أجهزة التنفس الصناعي التي سيحتاج إليها الأردن وتبلغ 4,370 جهازا.

تقرير خطير ومرعب في افضل سيناريوهاته المتوقعة وبنفس الوقت فان الحلول اكثر رعبا وتكلفة لانها تتطلب اغلاقا شاملا لمدة ثلاثة اسابيع.

وهنا نتساءل هل كنا بحاحة الى هذا التقرير الذي تنبهنا له وحذرنا من السكون والاطمئنان وعدم النظر الى الامام؟ كما نساءل عن استعدادات الحكومة لما اورده التقرير وكيف تنظر له؟ وهل تم مناقشته ودراسته؟ وقبل وبعد ذلك نسال لماذا وصلنا الى هنا وما هي الاسباب واين كنا من هذه السيناريوهات والتوقعات؟ وماذا كنا نفعل في وقت الاسترخاء حتى وصلنا الى هذا الحد الذي يعتبر الاعلى في المنطقة متجاوزا دولا عديدة في العالم؟.

يبدو ان قلة الخبرة لدى البعض ادى الى قصر في النظر والتخطيط للمستقبل اوجدتنا في ازمة كبيرة ووضع لا نحسد عليه، فماذا عسانا فاعلين؟

سائلا الله العلي القدير ان يجنب بلدنا كل مكروه.

الدستور