اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

نضال منصور يكتب: في وداع أخي ورفيقي

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/04 الساعة 23:54
مدار الساعة,اخبار مدار الساعة,وكالة مدار الساعة الاخبارية,اخبار الاردن,عرب,شبابية,اقتصاد,بانوراما,رياضة,اردنيات,البرلمان,صورة,وسائط,أخبار,أعمال,ثقافة,معلومات,إسلامي,إنترنت,إسلام,عناوين,نساء,المسلمون,الدين,الأتراك,العثمانيون,الأردن,الاردن,اردن,الملك,شباب,الملكة,ولي العهد,news,arabic,local,jordan,king abdulla,queen rania,israel,Middle east,vote,Archive,مذكرات,مذكرة,تبليغ,تبليغات,كشوف,اسماء,المقبولين,المفصولين,المرشحين,المترشحين,الناخبين,قوائم,قائمة,المبتعثين,المنح,القروض,اقساط,سلف,منح,قروض,الفائزين,انذارات,انذار,اخطارات,اخطار,المعتقلين,الوفيات,نعي,يعني,وفيات,وفاة,مقتل,حادث,حوادث,دهس,المسعفين,نقيب,نقابة,رئيس,وزير,امين عام,الموظفين,موظفو,منتسبي,المنتسبين,المتقاعدين,العسكريين,ضباط,القوات المسلحة,الجيش العربي,الامن العام,الدرك,المخابرات,المحكومين,المتهمين,العفو العام,محكمة,محاكم,محاكمات,المحاكمات,محاكمة,قضاة,القضاة,التنفيذ القضائي,وزارة العدل,قصر العدل,كاتب العدل,اعلانات,اعلان,اعلانات مبوبة,اعلانات نعي,جلسة,جلسات,تعديل,تعديلات,قانون,قوانين,الجريدة الرسمية,نتائج,الشامل,التوجيهي,توجيهي,نتائج التوجيهي,رديات,ضريبة الدخل,رديات الضريبة,السياحة في الاردن,السياحة في الأردن,معالم سياحية في الأردن,معالم سياحية في الاردن,الاردن التاريخ والحضارة,الأردن التاريخ والحضارة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,المواقع الأثرية في الاردن,المواقع الأثرية في الأردن,الطقس في الاردن,الطقس في الأردن,الأحوال الجوية في الأردن,الأحوال الجوية في الاردن,الأردن المساحة والموقع الجغرافي,الاردن المساحة والموقع الجغرافي,جامعات الاردن,جامعات الأردن

ليست هي المرة الأولى التي أكتوي بها بنار الغياب، فقبل ما يقرب 25 عاما فقدت أمي، واحتجت وقتا طويلا لأدرك انه بات مستحيلا أن ألجأ إليها لتحتويني في حضنها الدافئ حين تهدني الايام، وأيقنت أني لن اسمع بعد اليوم دعواتها التي تساندني في التعامل مع «ولاد الحرام» بكل أنواعهم واتجاهاتهم حتى أظل قويا متماسكا دون أن أطأطئ الرأس.

رحلت أمي دون استئذان وتركت غصة لا تنتهي ولا تُداوى، وبعدها بعقد من الزمان غافلنا أبي أيضا بالغياب، لنجرب طعم اليتم مرة أخرى دون ضجيج أو صراخ، فحين تغيب الأم يكسر التابو مع الموت، ويصبح أقرب من أي حقيقة أخرى.

رحل أخي عدنان قبل أيام وتركنا في التيه، كان يحث الخطى نحو الموت، كان يستعجل الوداع، لم أوقفه ولم أسأله عن لهفته للغياب، كان قلبه قادرا على المواجهة والصمود طويلا، وكان يمكن أن يهمس في أذني أن آتي مسرعا لأحتضنه، فالفراق صعب وموحش وموجع.

عدنان لم يكن شقيقي فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير، كان رفيقي، وأول من مد يده لي لأقترب من العمل العام ومشاغل السياسة، وأول من أشغلتني أسئلته عن الحياة خارج منظومة الفكر السائد.

كان رفيقي وهذا يكفي وأكثر، وحين كنت إلى جانبه عندما توقف قلبه مر طيف الرفاق الراحلين قبله.

كلهم قرروا الرحيل شبابا، أتعبتهم وأنهكتهم رحلة الحياة قبل أن يشيخوا ويهرموا، وقبل أن يحتفوا بجني سنوات تعبهم وشقائهم، وحتى دون أن تكون هناك بارقة أمل أن الغد الذي عملوا لأجله سيكون أفضل.

حين فقدنا صديقي ابراهيم الخضرا في اوائل التسعينيات بحادث سير تذكرت ما قاله درويش «يحكون في بلادنا.. يحكون في شجن عن صاحبي الذي مضى وعاد في كفن».

رحل أخي وتركني دون وداع، ورحل رفاقنا من قبل وظل صدى حديثنا عن الوطن والناس زعترا بريا، وخبزا طازجا لا يختفي أثره.

لم يكن أخي وحسب، كان رفيقي، وحين كان حب الوطن جريمة يعاقب عليها، ولما زارني قبل نحو 4 عقود في المعتقل حضنني ومدني بعزم للصمود، وكانت كلمة السر «لا تساوم على كرامتك ووطنك ورفاقك»، فعشت بعدها حرا شامخا.

اختلفنا واتفقنا وظل الشريان واحدا، «فأمي أرضعتنا من حليبها أن الصلاة على تراب لا يوحد لا تكتمل»، فما كان يجمعنا حلم لا يذوي، وأمل لا ينطفئ سراجه.

حين غادرت الكويت للالتحاق في جامعة اليرموك دعمني، وحين اخترت دراسة الصحافة كان مساندا، وبقينا هكذا بين مد وجزر، وكل يصنع عالمه على طريقته.

المشهد لن يكتمل بغيابك، وستظل العائلة تبحث عنك، وحين نقف معا أشقاء وشقيقات وأبناءهم وكريماتهم سنفتقدك، وسيظل مكانك خاليا لا يشغله أحد.

سنتحدث عنك دائما مثلما فعلنا طوال الأيام الماضية، وسنخفي دمعة حرى حتى يشتد العزم، وتنهض الهمم، وسنحكي لأحفادنا وحفيداتنا عنك، فأهازيج أمك ما تزال تؤنس الدار.

هذا ليس تأبينا، فأنا أضعف من أن أفعل ذلك، هذا بوح مؤجل في حضرة الغياب، هذا عتاب محموم لأنك لم تستأذنا في الرحيل، لم تمهلنا قليلا من الوقت لنحتفي بك، ونشرب نخب أيام عشناها طولا وعرضا، ونشهد الدنيا أن الحياة تستحق المحاولة، «وأن على هذه الارض ما يستحق الحياة».

في حضرة الغياب شخص محمود درويش معادلة الموت ببساطة ويسر، فأوجز بالقول «الموت لا يوجع الموتى…الموت يوجع الأحياء»، ونحن يا رفيقي نتوجع، فرحيلك مر.

وداعا ولكنك الغائب الحاضر في القلوب.. فالأحبة أبدا لا يرحلون.الغد

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/07/04 الساعة 23:54