الخطاطبة تكتب: لا تطيلوا الأزمة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/23 الساعة 13:19
إن إطالة أمد الأزمة الحكومية مع نقابة المعلمين، لن يكون في صالح الحكومة كما هو واضح، خاصة بعد ما فشلت محاولاتها الكثيرة في تآليب الرأي العام على المعلمين واضرابهم من قناة الطلبة، وتسريبها لاستطلاعات بنتائج وهمية تخالف الواقع على الأرض، وخطابها الإعلامي العقيم الذي يدور في حلقة مفرغة هدفها الاستعراض لا أكثر، ولجوئها الى أدوات تقليدية لا يمكن أن تفلح في عصر التواصل الاجتماعي لوأد الاضراب.
لن يكون في صالح الحكومة ولا الطلبة ولا الأهالي استمرار هذه الحالة غير الصحية، وبالتالي فإن الخاسر هو الوطن بعد ان أثبتت الحكومة عدم قدرتها على ادارة أي أزمة وعلى رأسها الاقتصادية لا شك، فالوضع مرشح للأسف الى مزيد من التأزيم والأخطر اتساع حالة الغضب الاجتماعي ليتجاوز المعلمين الى الاهالي بعد يأسهم من بوادر الحل.
الحالة الراهنة وكما هو جلي وواضح مما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي ستعمق الهوة بين الناس وتعمق حالة السخط الاجتماعي بين المواطنين على قاعدة “الأغنياء” غير المتضررين مما يحدث بسبب وجود أبنائهم في المدارس الخاصة وباقي الشعب غير القادر على تأمين مقعد لأبنائه في تلك المدارس، علما بإن هذه نظرية غير صحيحة فالمواطن يعمل في وظيفتين أو ثلاث أو يغترب عن بلاده حتى يستطيع تأمين قسط المدارس الخاصة لأولاده بسبب تراجع مستوى التعليم والتربية أيضا في المدارس الحكومية وتخلي الحكومات منذ أمد عن واجبها بحماية التعليم العام من الهبوط.
الطلبة متضررون وتحديدا طلبة الصف الأول الابتدائي الذين كانوا ينتظرون عامهم الدراسي الأول بكل شغف وطلبة الثانوية العامة، لكن في ذات الوقت من الصعب ومن غير المقبول اعادة المعلم الى صفه مكسورا ومهزوما في مطالبته بتحسين وضعه المعيشي، كما يبدو من محاولات ورغبات الحكومة لان الأمر سيؤثر على العملية التعليمية برمتها فالمعلم لن يستطيع أن يقدم ما لديه اذا استمر شعوره بهذا الظلم والاجحاف، خاصة وانه لا يرغب نهائيا باستمرار هذا الاضراب لانه متضرر أيضا مما يحدث، فلديه ولأشقائه وأبناء عمومته طلبة في المدارس أيضا.
انا ادرك تماما صعوبة تحقيق مطالب المعلمين باقرار علاوة بنسبة ٥٠٪ بسبب ما يعانيه الاردن من ظروف اقتصادية صعبة أوصلتنا الى مديونية على اطراف الثلاثين مليار دينار وترتفع باضطراد، لكن الحلول موجودة ويتحملها الطرفان الحكومة ونقابة المعلمين، من خلال ابداء حسن نوايا يقود الى حوار حقيقي يصب في مصلحة الجميع والطلبة تحديدا.
ومقترحي هنا ان تبادر نقابة المعلمين الى دعوة أعضائها من معلمي الصف الأول الابتدائي والثانوية العامة الى الالتحاق بمدارسهم في أسرع وقت، بالتزامن مع دخول الحكومة حواراً جاداً وحقيقي مع النقابة للوصول الى صيغة تحقق للمعلمين مطالبهم وتضمن نزع فتيل أزمة مرشحة للتصاعد في قادم الأيام لا سمح الله.
إضراب المعلمين تحديدا يؤثر على كثير من المفاصل في الدولة، فنصف قطاعات المجتمع تقريبا تعتمد في لقمة عيشها على انتظام العملية التعليمية، وهي ما زالت متوقفة حتى الآن بانتظار الفرج، ومزيدا من التعقيد قد يدفع الى دخول هذه القطاعا ت على الخط نظرا لما تعانيه، ناهيك عن سخط الأهالي، ومن غير المقبول استمرار الحكومة بادارة ظهرها لقضية بهذا الحجم والتعنت والاختباء وراء تصريحات إعلامية زادت المشهد ارتباكا بعد أن وجدت الحل بالتراجع عن المسار الوظيفي للمعلمين.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/23 الساعة 13:19