الرواشدة يكتب: الوصفة البرتغالية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/19 الساعة 16:46

سيف الله حسين الرواشدة
عندما قالت البرتغال لصندوق النقد ووصفته لخفض الانفاق والدعم وزيادة الضرائب "لا" نجحت في الخروج من أزمتها الاقتصادية، وقد بلغت مديونيتها حينها ١٢٩٪ من ناتجها القومي ونسبة البطالة ناهزت ١٨٪ وكانت البرتغال حينها قد اقترضت ٩٠ مليار دولار لم تعد عليها بالنفع إضافة الى قيامها برفع الدعم عن المحروقات وفرض ضريبة القيمة المضافة، كل هـذا فاقم سوء الأزمة، وأدى الى هجرة حوالي ٢٠٠ آلف مواطن هرباً من الفقر والعوز.

بعد فشل ما فرضه الصندوق من إجراءات تقشفية وضرائب، بادرت البرتغال الى زيادة رواتب القطاع العام وألغت خفضها السابق للدعم على المحروقات وغيرها، ودعمت المشاريع المتوسطة والصغيرة التي رفدت بدورها الاقتصاد المحلي بحوالي ٢ مليار دولار ما يساوي ٥٪ من حجم الاستثمار الكلي، واستثمرت في التعليم ،الخدمات الصحية والمرافق العامة و البنى التحتية وشجعت صناعة التكنولوجيا والبرمجيات بتوفير ما تحتاجه من بيئة قانونية وقوى بشرية مدربة، وقد تغير توجه الحكومة ومزاج مجتمعها العام من حالة التوجس الى الثقة بقدرة الحكومة على الخروج من الأزمة مما شجع المواطنين على استثمار مدخراتهم وتحريك السوق، أدى كل هذا إلى خروج البرتغال من أزمتها فقد اخفضت نسب البطالة لأقل من ٧٪ وبلغت نسبة العجز في الموارنة ل ٠،٢٪ وحققت الحكومة نسب نمو هي الأعلى منذ عقود.

وفي ظل اعتراف الحكومة على لسان نائب رئيسها رجائي المعشر ووزيرة الاعلام جمانة الغنيمات وغيرهم بعجز وصفتها الاقتصادية المفروضة من صندوق النقد المتمثلة بالتقشف الحكومي وخفض الدعم والانفاق على الخدمات وزيادة الضرائب والشرائح السكانية التي تشملها، والتي أدت الى نتائج عكسية، فقد سجل النصف الأول من هذه السنة المالية أكبر انخفاض للواردات الضريبية بقيمة ٣،٥٪ مع أن الكثير قد حذر من هذا وما زال ما حدث في المنطقة الحرة بداية العام ليس ببعيد.

كل ما سبق من تراجع في الواردات وعجز في الموازنة وغيرها من مؤشرات الفقر والبطالة، يعكس حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والتي تنعكس مباشرة على مزاج الشارع العام بالتخوف والترقب والململة أحيانا التي قد تتفاقم في أي لحظة كما حصل في الرمثا قبل أيام.

لعلاج اقتصادنا والخروج من عنق الزجاجة ودوائر سداد الديون وخدمة فوائدها المغلقة وظلام نسب البطالة وشبح الفقر الـي يضم أعداد جديدة من الأردنيين كل عام، أظن أننا نحتاج لأن نقول "لا" بلهجة برتغالية في وجه الصندوق وبرامجه الضريبية وسياسة الجباية التي يطلبها منا، ،يلزمنا كذلك حكومة شجاعة تعيد ثقة الأردنيين باقتصادهم وقدرته على الصمود أمام الأزمات لا بل والنمو أيضا عبر التجارة والتصدير وتعزيز الإنتاج وتشجيع الاستثمار وزيادة فرص العمل وليس على طريقة زيادة واختراع الضرائب الرسوم التي قد تطال يومًا ما ليس ببعيد حسابك الشخصي على الفيسبوك أو تويتر.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/19 الساعة 16:46