صفقات رابحة وأخرى خاسرة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/19 الساعة 01:06
الحياة عبارة عن سوق كبير، والمواقف التي يمرّ بها الإنسان ليست أكثر من صفقات، بعضها رابح وبعضها خاسر، والإنسان الذّكي الموفّق والناجح هو من زادت صفقاته الرابحة على الخاسرة، أما أن يعتقد الإنسان أنه سيظلّ يتذوّق حلاوة الربح دون تذوّق جرعة من مرارة الهزيمة، فهذا فكر خيالي وغير واقعي، فلا يمكن لك أن تكون الرابح والمنتصر على الدوام. الزواج صفقة تتقاسمها مع شريك، لن تنجح هذه الصفقة إذا وضعت في اعتبارك أنك ستكون الرابح دائما، بل عليك أن تخسر في بعض الأحيان من أجل الشريك الآخر؛ لأنه يحبّ طعم الانتصار والربح كما تحبه أنت، وعندما نتعلم الخسارة أو التنازل عن الربح في بعض الأحيان كي تستمرّ أرباحنا في باقي الأوقات، ستكون صفقاتنا ناجحة، والغلبة في حياتنا للانتصار والتفوق، أما العناد والإصرار فلن يولد سوى الخسارة والهزيمة، وعندها سيخسر الجميع، وينهار مشروع الزواج، وتكون الطامة قد حلت على رؤوس كل الأطراف، الزوج، والزوجة والأولاد. ومثل هذا يقال في تربية الأولاد، ومعاملة الأقارب والجيران، والدراسة والعمل، أهم ما في الأمر أن يتعلم الإنسان متى يربح، ومتى يتقدم بتنازل عن الربح (الخسارة) كي يضمن استمرار أرباحه، فالتنازل هنا يكون ضمن خطة مرتبة مسبقا؛ ومحسوبة الحساب، هدفها الاستمرار بأقل الخسائر وأكبر الأرباح. المشكلة أن الأنانية والطمع تغلفان فريق من الناس، بحيث لا يحبون الخير للآخرين، ويحبونه لأنفسهم فقط، ويودّ أحدهم أن يظلّ منتصرا رابحا في كل موقف أو صفقة أو تجربة، مهما كلّف الأمر، وهولا يعلم أنه يطلب المحال، وأن عليه في أحيان كثيرة أن يجلس إلى طاولة المفاوضات كي يقدّم شيئا من التنازلات، ليبني بعدها أرباحه وتستمر الحياة للجميع، فعليه أن يأكل ويُطعم الآخرين، لا أن يأكل وحده ويجوع الباقون. على الإنسان أن يتعلم المرونة، الأخذ والعطاء، والليونة والصلابة، ولكل موقف وجه يحتاج إلى إبرازه، أما أن يظلّ كالجمادات بهيئة واحدة، فهذا من يطلق عليه لقب اللوح، ولا أظنّ أحدا يحبّ أن يكون من الألواح أو الخُشُب المسنّدة. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/19 الساعة 01:06