ترامب يتوعد بالرد على الهجوم الذي استهدف نفط السعودية
مدار الساعة - أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد أنّ الولايات المتحدة "على أهبة الاستعداد" للردّ على الهجوم الذي استهدف البنية التحتيّة النفطيّة السعوديّة وكانت واشنطن قد حمّلت إيران مسؤوليّته.
وقال ترامب على تويتر "إمدادات النفط في السعوديّة تعرّضت لهجوم. هناك سبب يدفعنا إلى الاعتقاد بأنّنا نعرف المُرتكب، ونحن على أهبة الاستعداد للردّ على أساس عمليّة التحقّق، لكننا ننتظر من المملكة (السعوديّة) أن تُخبرنا مَن تعتقد أنّهُ سبب هذا الهجوم، وبأيّ أشكال سنمضي قدمًا".
وأعلن ترمب أنّه أجاز استخدام نفط الاحتياطي الأميركي الاستراتيجي بعد أن تسبّبت الهجمات على منشآت أرامكو بخفض إنتاج النفط الخام في السعودية إلى النصف.
وكتب ترمب "نظراً إلى الهجوم على السعوديّة والذي قد يكون له انعكاس على أسعار النفط، أجزتُ استخدام النفط من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، إذا دعت الحاجة، بكمّية يتمّ تحديدها لاحقاً".
وكثّفت السعودية الأحد الجهود لإعادة تشغيل المنشأتين النفطيّتَين اللتين تعرّضتا لهجمات بطائرات مسيّرة، في وقت رفضت إيران اتّهام واشنطن لها بالوقوف وراء العمليّة.
وتبنّى المتمرّدون الحوثيّون المدعومون من طهران في اليمن، حيث يخوض التحالف الذي تقوده الرياض حربًا مستمرّة منذ خمس سنوات، هجمات السبت ضدّ أرامكو.
اقرأ أيضاً : إيران ترفض اتهام واشنطن لها بشن الهجوم على منشأتين نفطيتين في السعودية
-إدانات-
ودان وزراء خارجيّة دول منظّمة التعاون الإسلامي من جهتهم، بأشدّ العبارات وبالإجماع، استهداف شركة أرامكو في بقيق وخريص في شرق المملكة، وذلك على هامش اجتماعهم أمس بجدّة.
ونقلت وكالة الأنباء السعوديّة عن الأمين العام للمنظّمة يوسف بن أحمد العثيمين قوله "إنّ الوزراء عبّروا عن إدانتهم للحادثة الإرهابيّة، ونوّهوا بالبيانات الرسميّة الصادرة من الدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظّمات الإقليمية والدولية التي دانت واستنكرت هذه الاعتداءات المؤدّية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة والمنطقة، واستهداف إمدادات الطاقة العالمية والاقتصاد العالمي".
كما دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجمات، داعياً جميع الأطراف إلى "ضبط النفس منعاً للتصعيد".
من جهته، قال ديمتري بيسكوف المتحدّث باسم الكرملين لصحيفة "فيدوموستي"، إنّ "أيّ اضطراب من هذا النوع لا يُساعد في استقرار أسواق مواد الطاقة".
وقد أشار وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو بإصبع الاتّهام مباشرةً إلى طهران، لافتاً إلى عدم وجود أدلّة على أنّ هذا "الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية" انطلق من اليمن.
وأفاد أنّ واشنطن ستعمل مع شركائها وحلفائها "لضمان تزويد أسواق الطاقة بالإمدادات، ولمحاسبة إيران على عدوانها".
لكنّ البيت الأبيض أعلن الأحد أنّ ترمب قد يلتقي نظيره الإيراني حسن روحاني، رغم اتّهام واشنطن لطهران بالوقوف وراء الهجمات.
واستدعت تصريحات بومبيو رداً من طهران التي قال الناطق باسم وزارة خارجيّتها عبّاس موسوي إنّ "هذه الاتهامات ووجهات النظر (الأميركيّة) الباطلة وغير اللائقة تأتي في سياق دبلوماسي غير مفهوم ولا معنى له".
كما نفى العراق أيّ علاقة له بالهجوم. وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الاحد إنّ "العراق ينفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعوديّة بالطائرات المُسيّرة".
من جهته، أكّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنّ "للمملكة الإرادة والقدرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي والتعامل معه".
لكنّ الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي استبعد تنفيذ ضربات انتقاميّة تستهدف حقول النفط الإيرانية.
وقال الخبير في كلية "إس. راجاراتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة لفرانس برس إنّ "السعودية لا ترغب بنزاع مفتوح مع إيران. يُفضّل السعوديّون أن يخوض آخرون هذه الحرب، والآخرون متردّدون إزاء ذلك".
- قلق في الأسواق -
وصبّت المملكة اهتمامها على استئناف الإنتاج في المنشأتين، بينما انخفض مؤشّر الأسهم السعودية بنسبة ثلاثة بالمئة مع بدء التداول صباح الأحد.
وتسبّبت انفجارات السبت باندلاع النيران في معملي بقيق -- أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط -- وخريص المجاور الذي يضمّ حقلاً نفطيًا شاسعًا.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 10 في المئة الإثنين بحسب ما أفادت وكالة بلومبرغ.
واستهدف الحوثيون مراراً البنية التحتية السعودية في قطاع الطاقة، لكنّ العملية الأخيرة تختلف بطبيعتها وحجمها، إذ تسبّبت بتوقف ضخّ كمّية من إمدادات الخام تقدر بنحو 5,7 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل قرابة ستة بالمئة من إمدادات الخام العالمية ونحو نصف إنتاج المملكة.
وصرّح بيل فارين-برايس، مدير مجموعة "ار اس انيرجي" التي مقرّها لندن، أنّ "المارد خرج من القمقم".
وأضاف "أصبح واضحًا الآن أنّ المنشآت النفطية السعودية والخليجية معرّضة لهذا النوع من الهجمات وهو ما يعني أنّ المخاطر الجيوسياسية للنفط سترتفع".
ولم يتّضح الحجم الفعلي للأضرار ولا نوع الأسلحة التي استُخدمت، في وقت مُنِع الصحافيون من الاقتراب من المنشأتين بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
وأكّد المتحدث باسم وزارة الداخلية منصور التركي لفرانس برس عدم سقوط أي ضحايا في الهجمات.
وأفادت أرامكو أنّها ستلجأ لمخزوناتها النفطيّة لتعويض عملائها. لكن يُمكن للحادثة أن تهزّ ثقة المستثمرين، مع اقتراب موعد طرح جزء من أسهم المجموعة للاكتتاب العام الأولي.
وتأمل الحكومة السعودية بجمع مئة مليار دولار استناداً إلى قيمة الشركة التي تقدر بـ2 ترليون دولار، في عملية تأجّلت مراراً لعوامل عدّة بينها انخفاض أسعار النفط.
وفي وقت تُراقب الأسواق عن كثب مدى قدرة المملكة، التي تعد أكبر مصدّر للنفط في العالم، على إعادة هذا القطاع إلى مساره الطبيعي، أفاد الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين ناصر أنّ العمل جار لاستئناف الإنتاج بطاقته الكاملة.
بدوره، أفاد وزير الطاقة السعودي الجديد الأمير عبد العزيز بن سلمان أنّ المملكة ستلجأ لمنشآتها الضخمة لتخزين النفط المخصّصة لأوقات الأزمات لتعويض الانخفاض الذي طرأ على الإنتاج.
وبنت الرياض خمس منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في مناطق عدة من البلاد قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات البترولية المكررة على أنواعها.
وأعرب موفد الأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث عن "قلقه البالغ" حيال الهجمات التي سارعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت لإدانتها.
وأنفقت السعودية المليارات على المعدات العسكرية لكن الأحداث الأخيرة تسلّط الضوء على أن بنيتها التحتية لا تزال عرضة للهجمات.
وبينما يصعب استهداف آبارها النفطية المنتشرة في مناطق واسعة، إلا أن منشآتها العديدة لمعالجة النفط تعدّ هدفًا أسهل بكثير.