عدنان الروسان يكتب: الحكومة لم تقرأ كتاب التكليف ولا أوراق الملك النقاشية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/14 الساعة 14:05
بقلم: عدنان الروسان
لا يجوز أن تبقى سياسات إدارة شؤون الدولة مرهونة بمزاج الرئيس وضعفه وعدم قدرته على اتخاذ القرار وعجزه عن إدارة الأزمات، كما أن تكرار نفس الأخطاء وترحيل المشاكل من حكومة لحكومة مع الإبقاء أحيانا على نفس الوجوه في المناصب الحساسة يجعل الدولة كلها رهينة لحالة من الإحتقان الشعبي والرسمي و تبقى العلاقة بين الدولة وبين الشعب علاقة متوترة وموسومة بالتنافر والتحدي المبطن وأحيانا الصريح و الفظ.
إن المراقب للأزمة الأخيرة التي عصفت وما تزال تعصف بالوطن ، أزمة المعلمين ترسم ملامح واضحة للإنفصام الذي تعاني منه الحكومة كما أنها تضع علامات استفهام كثيرة حول تعاطي الحكومة مع واجباتها الوطنية بل وتؤشر الى خلل واضح في قراءات الحكومة واستراتيجياتها هذا اذا كان لها استراتيجيات أصلا، فلو عدنا الى كتاب التكليف الملكي للحكومة فسنقف مشدوهين تماما و ربما أكثر من مندهشين لأن الحكومة كما يبدو لم تكلف نفسها قراءة التوجيهات الملكية فضلا عن فهمها و بالتالي فكتاب التكليف شيء وما يتحقق على أرض الواقع شيء آخر مختلف تماماً (...).
ثم لماذا يكتب الملك الأوراق الملكية النقاشية والتي تعدت بأعدادها أصابع اليد الواحدة اذا لم يكن هناك من يقرؤها أو يناقشها، بل أن الحكومة وكثيرين من النخب المحيطة بالرئاسة والديوان يدمرون المعاني التي من أجلها كتبت تلك الأوراق، فالملك يسميها الأوراق النقاشية والمراهقون السياسيون يسمونها توجيهات ملكية، الملك يريد أن يرسي أصولاً ديمقراطية في التعاطي بالشأن العام بحيث لا يملي على الحكومة أفعالها والحكومة تتهرب من التكليف فتسميه نقاشا وتدمر النقاش بتسميته توجيها، هل توضحت الفكرة، هناك تعمد واضح في قلب الأمور حتى تبقى المسؤوليات غير محددة والحكومة غير مسؤولة عن افعالها.
نحن على مفترق طرق خطير للغاية وهذه المرة نتكلم بصدق و ليس مبالغة ، فالناس محتقنة الى أقصى درجات الإحتقان ويمكن ان يثوروا في اي لحظة اذا ما تلاءمت الظروف (...) ، و يؤكد ذلك ما يحدث مع المعلمين فكونهم منظمين في نقابة ولهم قيادة فقد تمكنوا من شل حركة التعليم ووضع الحكومة في موقف حرج للغاية، وبعيدا عن الاصطفافات مع الحكومة أو مع المعلمين فقد بات واضحا اليوم أننا نعيش ازمة حقيقية وأن نقابات اخرى قد تتقدم للقيام بما قام به المعلمون وقد تنتقل العدوى الى الشارع ونجد أنفسنا يوما ما في خضم حراك لا يمكن السيطرة عليه لا بالحسنى ولا بغيرها.
وحيث أننا لا نريد ذلك مع اننا نلاحظ ان هناك تيارا في الحكومة يريد ذلك و يسعى اليه فإننا نحذر من أن الوطن لا يحتمل اختلالات من أي نوع و نحن نتوقع أن تتراكم الضغوط علينا و تزداد في الأسابيع المقبلة، كما أن العمل على افشال الرؤى الملكية وتدمير كل قنوات التواصل مع الناس ليس من الحكمة في شيء، لقد شهدت جزءا من محاضرة لرئيس وزراء اسرائيل في الإعلاميين جعلتني اموت غيظا وحسدا وتمنيت أن يكون لدينا نتنياهو أردني قادر على أن يتكلم للأردنيين بتلك النباهة والذكاء و الوضوح، اتمنى على الرئيس الرزاز أن يشاهدها وسيرى كم هو الفرق كبير بين رؤساء الوزارات.
لا بد من كسر الرتابة وخلق ابداعات جديدة وإفساح المجال أمام الوطنيين و لو كانوا معارضين وبعيدين عن التيار المحيط بالرئيس، افساح المجال لهم ليعملوا ولو بدون كثير من البيروقراطية والتراخيص ومساءلات المحافظين ووزارة الداخلية، لأن هناك أناساً لهم رؤى ابداعية نسمعهم ويشكون من منعهم بصورة مباشرة او غير مباشرة من القيام بأدوارهم دون خوف من أن يكونوا ضحايا لما يقولون أمام الأجهزة الأمنية او القضاء.
إنها ساعة العمل الوطني الصادقة يوم ينفع الصادقون صدقهم، ولنترك التعنت جانبا فليس من مصلحة الوطن كسر شوكة المعلمين فذلك سيضر الدولة أكثر مما يضر المعلمين، أما الذين يتكسبون على ظهر هذا المشكل الوطني فلن أخوض في شأنهم لأنهم لا يستحقون أن نخسر وقتا وجهدا فيما يقولون ونحن نعلم أنهم متكسبون.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/14 الساعة 14:05