اَلْمُشْكِلَةُ فِي أُرْدُنِنَا اَلْعَزِيْزُ قَنَاعَةٌ وَإِدَارَةٌ وَإِنْتِمَاءٌ

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/11 الساعة 09:44

سمعنا أحاديث كثيرة جداً لبعض المسؤولين السابقين في لقاءات عديدة لهم من التنظير ما أتخمنا والله. وقد قال البعض: إن مشكلتنا في الأردن ليست مالية وإنما إدارية، فكم سنة أصبح لنا نعاني من الضائقة المالية والإقتصادية؟ ألم نجد خلال السنوات الماضية إداريين ناجحين بين أفراد شعبنا المثقف؟ علماً بأنه لا تخلو جامعة حكومية أو خاصة من كلية إقتصاد وعلوم إدارية فيها. وقد خرَّجت جامعاتنا مئات إن لم يكن ألوفاً ممن يحملون شهادات في الإدارة والإقتصاد والعلوم المالية والمصرفية. والذي يغيظ الفرد منَّا أن مثل هؤلاء المسؤولين يجدون من يسمع لهم ولا أحد يجرؤ على أن يناقشهم ويقول لبعضهم ممن يتشدقون بأن مشكلتنا هي إدارية وليست مالية: ألم تعمل مسؤولاً أو وزيراً سابقاً؟ وربما عمل بعضهم في أكثر من وزارة، ألم تتاح لك الفرصة أن تكون رئيساً للوزراء سابقاً؟ ماذا فعلت من ناحية الإدارة عندما كنت مسؤولاً أو وزيراً؟

هل اخترت في إدارتك أو وزارتك إداريين ناجحين كفريق عمل لك؟ أم لجأت لتعيين الكثيرين حسب المعارف والمحسوبيات ووفق من صوت لك في الإنتخابات ... إلخ؟. وعندما كنت رئيساً للوزراء من إخترت في فريق عملك الوزاري أحلفك/أحلفكم بالله العظيم هل إخترتم الوزراء وفق الكفاءات الإدارية أم وفق كما ذكرنا المحسوبيات والمعارف ووفق من صوت لكم في الإنتخابات؟ أمَّا الآن وقد خرجتم خارج ملعب المسؤولية، أصبحتم تتشدقون بأن المشلكة ليست مالية وإنما إدارية أمر غريب والله لا ندري متى ستصبح المسؤولية أمانة يحاسب صاحبها نفسه أمام الله قبل المسؤول عنه والناس.

أيها السادة والسيدات أصحاب المعالي وأصحاب الدولة، المشكلة في أردننا الحبيب ليست كما قلتم وإنما هي أولاً: عدم القناعة عند الكثيرين ممن يتحملون المسؤولية بما رزقهم الله ويطمعون في أن يستغلوا مناصبهم ليسيتفيدوا منها أكبر قدر ممكن من الفوائد المادية والمعنوية والمرئية وغير المرئية والملموسة وغير الملموسة ... إلخ خلال فترة توليهم المسؤولية وفي أسرع وقت ممكن قبل أن يتم إنتهاء فترة مسؤوليتهم أو سحب المناصب منهم. والكل يعلم كما كان يقال لنا من قبل أجدادنا وجداتنا وآبائنا وأمهاتنا: منصب الدولة بورقة تعينك وورقة تنهي عملك أو تعزلك. وعندما يتم تعيين أي إنسان بأي منصب يقوم معظم الناس بالتطبيل والتزمير والرقص والتهاني والتبريكات وتشتغل الجرائد والصحف ... إلخ من أجل مكاسب شخصية. وعندما يتم إنتهاء عمل أو عزل أي مسؤول الكل يبتعد عنه ولا يقولوا له كيف حالك، فالناس متذبذبون ومع المصالح الشخصية الوقتية. ألا يعلم كل واحد فينا من المسلمين أن الرزق مقسوم من رب العالمين وفي السماء وليس في الأرض ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23)). والموضوع الثاني في مشكلتنا في الأردن العزيز والذي سبَّبَ لنا عدم التقدم والإبداع والإنتاج والتطور هو سوء الإدارة. فكيف نعين مسؤولين لا يستطيع الواحد منهم أن يدير أمور حياته وأمور عائلتة؟ فكيف نحمله مسؤولية إدارة وزارة مهمة لكافة الشعب الأردني؟. لماذا لا نُغَلِب مصلحة القيادة والوطن والشعب على المصالح الشخصية والشللية والمحسوبية والإنتخابية ونعين المسؤولين الأكفاء؟

والموضوع الثالث والمهم أيضاً أن كثيراً من الناس يدَّعُون الإنتماء لقيادتهم ولأردنيتهم ولوطنهم وشعبهم إدِّعاءا، لأنهم يعتقدون أن الإنتماء هو أن يحصل الفرد منهم على منصب ويكسب من هذا المنصب خلال فترة مسؤوليته أكبر قدر ممكن من الفوائد المادية والمعنوية ... إلخ وفي أسرع وقت ممكن سباق في الحصول على الفوائد قبل إنتها فترة عمله أو إقالته، غير مكترثين بمصلحة القيادة والوطن والشعب. وهذا ما نشاهده كل يوم تقريباً من مطالبات أكثر من فئة من فئات الشعب بفوائد شخصية لهم غير آبهين بما يمر به الوطن وقيادته ورئيس الوزراء وفريق عمله الوزاري والمسؤولين بظروف اقتصادية ومالية صعبة جداً للغاية. فأقول لكل مسؤول أخذ الملايين عندما تولى أي منصب خلال فترة حياته في أردننا العزيز دون وجه حق أن يعيدها أو يعيد جزء منها لخزينة الدولة لأنه ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في الأزمة الاقتصادية والمالية المتراكمة منذ سنين والخانقة التي يمر بها أردننا العزيز هذه الأيام. فإن فعلتم ذلك سيسجل التاريخ لكم وقفتكم المشرفة لقيادتكم ووطنكم وشعبكم الأبي وإلا فحسابنا جميعاً عند لقاء رب العالمين وخصوصاً للذين أجابوا عندما سئلوا: من أين حصلتم على هذه الملايين خلال فترة توليكم المسؤولية؟ أجابوا: وجدنا جبلاً من ذهب أمامنا والكل يأخذ منه ونحن أخذنا من طرفه ( ... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (التوبة: 34 و 35)).

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/11 الساعة 09:44