عدو الاستثمار
هذه هي ليست المرة الأولى التي يطرق فيها جلالة الملك على جدار خزان الاستثمار، وعلى جهة ما أن ترصد مدى التغيير الإيجابي استجابة لتوجيهات الملك وكذلك العثرات
ما الذي يمنع من نشر تقرير ربعي شفاف لا يتضمن إحصائيات ولا مشاريع مستفيدة ولا معاملات, بل يرصد المعيقات ويبرز الاختراقات في جدار البيروقراطية الصلب
لا يستطيع وزير مهما أوتي من قوة وصلاحيات أن يزيل محبطات الاستثمار، فهذه مهمة دولة وكان على الحكومة أن تضع إصلاح القطاع العام عنوانا لها
ليست الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة عائقا طالما هي واضحة ومحددة، العراقيل تتمثل بممارسات موظفين صغار لسبب أو لآخر ممن يتخذون من المستثمر أو التاجر أو الصانع عدوا قابلا للابتزاز والملاحقة والتصيد
يبدو أن الرسائل التي يلتقطها كبار المسؤولين لا تصل إلى صغارهم في المراتب والمهمات أو أن الخطاب مزدوجا, حتما هناك فجوة بين التعليمات والتطبيق
يعرف كل المسؤولين المعيقات الحقيقية، وإن جلست إلى أي منهم يحدثك بكل تفاصيل المشاكل ولا يكاد يغفل أياً منها ويعرف الحلول لكن كما هي كل الأشياء، العبرة في اتخاذ القرار وقبل ذلك في السيطرة على مفاصل الإدارة في وزارته أو مؤسسته، وفي غياب أو تغييب المعلومات وفي التضليل الذي يمارس عليه
يوميا تحمل الأخبار قصصا كثيرة حول مضايقات ومحاولات ابتزاز يقودها موظفون لا شك أن لهم أدوات تدل على قدرتهم على الإيذاء وعرقلة الأعمال، ومرافق وشركات تواجه ضغوطا كبيرة لإجبارها على تمرير وظائف أو دفع أموال عبر تهديد بحملات تشويه، وتحريض تستخدم فيها كافة الوسائل
ما أن يتم افتتاح مطعم أو متجر أو سوبر ماركت أو فندق أو مصنع حتى تداهمه عشرات لجان التفتيش، أمانة وصحة وغذاء وعمل وسياحة وضمان وضريبة وغيرها، تنبيه، غرامات، إنذارات وإغلاق.. دعوا الناس تلتقط أنفاسها وتعمل وتقطف الثمار فدوران العجلة لمصلحتكم أولا
كل خطوة إلى الأمام يقابلها خطوتان إلى الخلف.. هكذا وصف الملك المشهد. ومثال ذلك إنشاء وزارة دولة لشؤون الاستثمار مع أنها كانت منقوصة وبلا أجنحة إلا أن تلك كانت خطوة إلى الأمام، وعوضا عن ترفيعها إلى وزارة ناجزة ألغيت دون شرح للأسباب
مؤسسة أو هيئة أو وزارة الاستثمار لم تفشل لكنها عرقلت، فالبيروقراطية نقلت إلى دارها عبر مندوبين لا يملكون سلطة القرار وإن امتلكوه لا يتخذونه
لماذا لا تكون هيئة تشجيع الاستثمار هيئة مستقلة إداريا صاحبة السلطة والقرار.
الرأي