محللون: انسحاب المغرب من الكركارات بالصحراء الغربية يدعم موقفه في النزاع

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/22 الساعة 17:49
مدار الساعة - يرى محللون مغاربة أن انسحاب المغرب الأحادي الجانب من منطقة الكركارات العازلة في الصحراء الغربية أواخر الشهر الماضي بعد نحو ستة أشهر من دخولها يخدم موقفه في النزاع مع جبهة البوليساريو ويضع الجبهة في مأزق.

ففي أواخر فبراير شباط الماضي أعلن المغرب انسحابه من المنطقة بعد أن حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الطرفين على سحب جميع العناصر المسلحة من المنطقة العازلة دون شروط "لخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار في سياق العملية السياسية التي تقوم بها الأمم المتحدة."

قال المغرب إن انسحابه من المنطقة جاء استجابة لطلب الأمين العام في حين وصفته جبهة البوليساريو بأنه "ذر للرماد في العيون."

تقع الكركارات على الحدود المغربية الموريتانية على ساحل إقليم الصحراء الذي يتنازع عليه المغرب وجبهة البوليساريو منذ أكثر من 40 عاما وتشتهر بأنشطة التهريب ويطلق عليها سكان الصحراء اسم "قندهار" على اسم المدينة الأفغانية.

وربط المحللون الانسحاب بعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي ووصفوه بأنه خطوة تهدف إلى الحيلولة دون إثارة القضية من جديد في المنظمة التي انسحب منها المغرب عام 1984 بسبب عضوية جبهة البوليساريو فيها.

وقال المحلل السياسي المغربي عبد الرحيم العلام لرويترز إن المغرب "لا يريد لمثل حادثة الكركارات أن تشوش عليه عودته إلى منظمة الاتحاد الأفريقي."

ويرى المحللون أن خطوة الانسحاب تحرر المغرب من الضغوط الدولية وتلقي بعبء التحرك التالي في النزاع على عاتق الأمم المتحدة.

وقال المحلل السياسي الموساوي العجلاوي المتخصص في الشؤون الأفريقية "المغرب انسحب بذكاء من الكركارات وترك الكرة في ملعب الأمم المتحدة."

وأضاف أنه سيكون على "الأمم المتحدة من خلال الدول الكبرى أن تمارس ضغطا على جبهة البوليساريو والدول التي تدعمها خاصة فيما يتعلق بحرية تنقل الشاحنات والسيارات في الخمسة كيلومترات التي توجد بها المينورسو (قوات حفظ السلام في الصحراء الغربية) وعناصر البوليساريو."

أما العلام فقال "الأمم المتحدة لا تعترف بالبوليساريو، والمغرب كأنه يريد أن يعيد موضوع الصحراء إلى مكانه الأصلي الذي هو الأمم المتحدة."

* دخول وخروج

ضم المغرب إقليم الصحراء إليه عقب انسحاب الاستعمار الأسباني منه في عام 1975 وتأسست جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام ورفعت السلاح في وجه المغرب وأعلنت جمهورية مستقلة وطالبت بالانسحاب من الإقليم الغني بالفوسفات والسمك ويعتقد أن به مكامن نفطية.

واستمر الصراع المسلح إلى عام 1991 عندما تدخلت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.

وظل الحال على ما هو عليه إلى أن كانت تحركات الجيش المغربي في العام الماضي والتي رفعت التوتر إلى واحدة من أعلى درجاته في السنوات الأخيرة بين الطرفين.

وبدأت الأزمة في الكركارات عندما تدخل جنود تابعون للأمم المتحدة بعد أن اجتازت قوات أمن مغربية المناطق الخاضعة لسيطرتها في عملية قالت إنها لتطهير طريق مما دفع جبهة البوليساريو إلى تعبئة قواتها.

واتهمت البوليساريو الحكومة المغربية بخرق بنود اتفاق السلام العام الماضي بمحاولة شق طريق في منطقة عازلة خاضعة لإشراف الأمم المتحدة. وقال المغرب إنها عملية تطهير فقط ولا تمثل أي انتهاك لبنود اتفاق وقف إطلاق النار.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين بالانسحاب ووصفهما بأنهما أصبحا "على مرمى حجر من بعضهما البعض وهو الوضع الذي ترصده خلال ساعات النهار بعثة الأمم المتحدة منذ أغسطس 2016."

وجاءت خطوة الانسحاب أحادي الجانب بعد أيام من اتصال هاتفي بين عاهل المغرب الملك محمد السادس والأمين العام الذي طالب الطرفين بالالتزام "بأقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتجنب تصعيد التوتر في منطقة الكركارات."

وقال المغرب، الذي دخلت قواته الأمنية منطقة الكركارات في 14 أغسطس آب الماضي في خطوة ذكر أنها تهدف لمحاربة التهريب وتنفيذ عملية تمشيط واسعة، إنه "تم تطهير المنطقة من جميع أشكال التجارة غير القانونية وممارسيها."

لكن البوليساريو اعتبرت، في رسالة احتجاج إلى الأمم المتحدة، أن "الكركارات شهدت عملية لقوات الأمن المغربية" واعتبرت في تصريحات صحفية أن "ما قام به المغرب خرق سافر وغير مقبول لوقف إطلاق النار."

* عودة أفريقية ومصالح اقتصادية

قال المحلل السياسي العلام إن "المغرب لا يريد أن يناقش موضوع الصحراء في منظمة الاتحاد الأفريقي بل يريد أن يركز على مواضيع اقتصادية وشراكات تجارية وغيرها من المواضيع البعيدة كل البعد عن موضوع الصحراء."

وأضاف أن إثارة موضوع إقليم الصحراء الغربية فور عودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي سيحدث انقساما في المنظمة وأن المغرب بقرار الانسحاب "يبتعد عن هذه المواضيع المحرجة ولا يعطي الفرصة للبوليساريو أن تحتج داخل المنظمة."

وقال إن المغرب ينأى بنفسه عن "هذه الاستفزازات لأنه لا يريد أن ينسف ما قام به من جهود سياسية واقتصادية مؤخرا في أفريقيا" والتي توجت بانضمامه مجددا إلى الاتحاد الأفريقي.

وتوجه العاهل المغربي في السنوات والشهور الأخيرة إلى إرساء شراكات اقتصادية وتجارية مع دول أفريقية عدة بل عزز من حضوره الديني أيضا فيها عبر "تصدير نموذج الإسلام المعتدل".

ورأى المحلل السياسي العجلاوي أن نزاع الكركارات "يجب قراءته في إطار" الحضور القوي للمغرب في القارة الأفريقية وعودته إلى الاتحاد الأفريقي بل طلبه الانضمام إلى مجموعة دول غرب أفريقيا.

وفي اتصال هاتفي مع رويترز أشار خالد الشيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة إلى أن المغرب وضع برنامجا لتنمية الأقاليم الجنوبية ارتباطا باستراتيجيته في أفريقيا.

وأضاف "المغرب الذي وضع هذه الاستراتيجية الأفريقية ذهب إلى ضخ الكثير من الأموال في الأقاليم الجنوبية وعاد إلى مؤسسة الاتحاد الأفريقي ووقع العديد من الاتفاقيات مع عدد من الدول الأفريقية أغلبها ذات طابع اقتصادي وتجاري."

وقال إن هذه الاستراتيجية وكذلك دعوة المغرب إلى الانضمام إلى منظمة دول غرب أفريقيا "يندرج ضمن مخطط تنموي مغربي إذ تقوم استراتيجيته على البعد الاقتصادي والتجاري."

وكان المغرب قد أطلق خطة تحت مسمى "النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية" بمليارات الدولارات.

ويعتبر المغرب إقليم الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من أراضيه له عليه سيادة تاريخية بينما تتشبث جبهة البوليساريو بخيار الانفصال وتساندها الجزائر في ذلك.

وتأتي تطورات ملف الكركارات بعد أسابيع قليلة من رفع المبعوث الأممي كريستوفر روس تقريره حول نزاع الصحراء.

وقال الموساوي "المغرب ربح الأمين العام الجديد العارف بخبايا الصراع أحسن من أي أمين عام سابق".

المصدر: رويترز
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/22 الساعة 17:49