المساعدة يكتب: إدارة الأزمة وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا...وجهة نظر؟!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/06 الساعة 22:02

بقلم: أ.د. عدنان المساعده*

يشعر المتابع بالأسى والمرارة لما جرى من تداعيات الإضراب الذي نفذته نقابة المعلمين يوم الخميس بتاريخ 5/9/2019 التي تطالب فيه الحكومة برفع علاوة المعلمين بنسبة 50%، حيث أن إدارة المشهد والأزمة إنْ جاز التعبير رافقه أخطاء كبيرة كان الخاسر فيها هو الوطن، حيث أصر المعلمون على أن يكون مكان الإضراب هو الدوار الرابع والحكومة منعت ذلك، ممّا أدى إلى حدوث فوضى عمّقت هوة نقاط الاختلاف وعدم الالتقاء بين الطرفين، فوقع طلبة المدارس ضحية بين هذا التنافر الذي يفترض أن يكون التقاء وتجاذبا، فالمعلم يحمل رسالة التعليم والتربية لأبناء الوطن ومن حقه أن يعيش بكرامة وعدم إمتهان المهنة التي تراجعت قيمتها للأسف في نظر المجتمع لأسباب عديدة علما انها في حقيقة الأمر تعتبر من أقدس المهن وأرفعها مكانة، وكذلك كان على الطرفين نقابة المعلمين والحكومة عدم تصعيد الموقف واللجوء إلى نقاط الالتقاء لا الاختلاف وإلى الحوار البنّاء الذي ’ينصف المعلمين من جهة ويحفظ هيبة الدولة من جهة ثانية، وكذلك فقد أخطأت نقابة المعلمين في توقيت موعد الإضراب اذا كان الهدف منه ايصال صوتها الى الحكومة حيث لم يكن توقيتا يخدم بلدنا لأنه تم في بداية العام الدراسي وخلال ساعات الدوام الرسمي، الأمر الذي أدى إلى إرباك العملية التدريسية وعرقلة عمل الوزارة ،وكذلك أربك قطاعات عامة وخاصة نتيجة إغلاق الطرق وشلّت حركة النشاط في محافظات المملكة وخصوصا العاصمة.

أقول هنا، وبمنتهى الحرص كما يحرص الكثيرون كذلك على مقدرات الوطن ربّ ضارة نافعة، ولنتعلم جميعا من هذا الدرس لكي لا يتكرر لأنه يخشى حدوث تداعيات لا يحمد عقباها لا سمح الله ، ثم لماذا لا ’يفتح باب الحوار بصراحة وجرأة وموضوعية بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين حيث لا أرى في ذلك انقاصا لهيبة الدولة، لأن المعلم والوزارة تجمعهما خطوط عامة ورئيسة لا إختلاف عليها، وهي إنجاح العملية التعليمية التعلمية، ولا يرضى أي طرف كان أن ’يرمى أبناؤنا الطلبة في الشوارع، ولا يرضى أي طرف ان يكون الوطن’ خاسرا الذي هو أكبر منا جميعا.

أيها السادة ... تعالوا إلى كلمة سواء لنعيد للمعلم هيبته ومكانته فهو الأمين على تربية النشء في كل مسارات الحياة، وأن إنصاف المعلمين بزيادة النسبة التي يطالبون بها وجدولة ذلك تدريجيا ضمن امكانيات الدولة من الممكن أن يكون حلا يرضي الطرفين، ومن الممكن أن تكون قنوات الحوار أجدى نفعا من لهجة الانفعال والنزق والتوتر وحالة الاحتقان التي تعمّق المشكلة ويكون الخاسر هو الوطن أيضا،

زملائي المعلمون... انكم حملة رسالة سامية مؤتمنون عليها وأبناؤنا الطلبة أمانة في أعناقكم، ولا أظن أن واحدا منكم يرضى أن تضيع أياما بل ساعات أو دقائق يتعلم فيها أبناؤنا...ولا يرضى أحد أن نترك لحظات سلبية تعشعش في أذهان الطلبة، في الوقت الذي ندرك فيه أن المعلم يحمل ضميرا ومسؤولية تجاه أبنائنا الطلبة حيث أن امانة المسؤولية تستوجب أن يبقى الضمير المؤسسي قويّا لا يهتز امام أية مطالب مادية، لأنه في حالة غياب الضمير المؤسسي نفقد البوصلة الحقيقية، ونسير في طريق تائه يتصف بعدم الرؤية، فتضيع الامانة تجاه ابنائنا الذي يعتبر بناؤهم معرفيّا وسلوكيا أهم من كل المطالب المادية، وأن لا نجعل من التنصل بالقيام بالواجبات وسيلة للضغط أو الابتزاز لتحقيق تلك المطالب لا سمح الله. ولتكن المعادلة بين الطرفين موزونة، وبلغة الكيمياء التي ترفض العشوائية ان يكون التفاعل موزونا لا يطغى فيه طرف على آخر.

فكونوا أيها الزملاء المعلمون والمعلمات بحجم الوطن وكما عهدناكم النبراس الذي يضيء الطريق للأجيال عبر مسيرة التربية والتعليم التي تمتد على مدى أكثر من مئة عام ومنذ تأسيس الامارة ، فانتم أولا واخيرا حملة رسالة العلم والمعرفة، وأن المسؤولية الكبرى تجاه وطنكم وأبنائكم تدعوكم للعودة إلى قاعة الدرس عطاء وتضحية وتفانيا.

معالي وزير التربية والتعليم والأكاديمي صاحب السيرة الأكاديمية المحترمة... المعلمون والمعلمات اخوانك واخواتك... فالموضوع جليّ واضح ويتعلق بمطالب تحسين أوضاع معيشية للمعلمين، ولا أرى ان هناك تسيسا للأزمة التي هي بحاجة إلى حل بحكمتكم المعهودة وخبرتكم الطويلة، لأن استمرار الأزمة لا ينتصر فيه أحد ثم منْ ينتصر على منْ، فالمعلم’ والوزارة طرف واحد لا طرفان، وأن تهيئة الظروف الملائمة للمعلم ستنعكس على ’حسن الأداء وتطوير العملية التعليمية.

كلمة السواء بيننا أن لا نسمح لأي مندس بين صفوف المتظاهرين لا يريد الخير لاستقرار وطننا، لأْن أمن أردننا الغالي وأمن المواطن كذلك هي أولى الأولويات، ولنتذكر أن رسالة الوطن بمفهومها الشمولي هي أعظم رسالة، وْأن الوطن أكبر من الجميع أمام أي خلاف قد يحصل هنا او هناك.

كلمة السواء بيننا هي أن نحافظ على منجزات الوطن، وأن لا نسمح لكائن من كان أن يكون طرفا في تعطيل مصالح الناس في القطاعين العام والخاص، وأن ما حصل أدى إلى عرقلة حركة النشاط في بلدنا الذي هو بحاجة إلى كل جهد يصب في تطوره ونمائه في ظل ظروف اقتصادية صعبة على مستوى الاقليم والعالم.

كلمة السواء بيننا هي التي تحفظ كرامتنا جميعا، وهي التي تصب في خدمة رسالة التربية والتعليم في وطن يحترم الانسان، وينبذ كل أنواع الفوضى وعدم تقدير الأمور ووضعها في ميزانها الصحيح، لتبقى منظومتنا التعليمية والتربوية متينة منيعة لا تهتز ولا يدخل اليها التصدع او الانكسار لا سمح الله.

كلمة السواء بيننا هي ان نحافظ على صورة وسمعة التعليم في بلدنا، والمعلم والطالب ركنان اساسيان لقوتها، وهنا فان دعم المعلم معنويا وماديا هي الزخم القوي الذي يدفع بعجلة التقدم نحو تعليم نوعي ومتميز.

ولنا في جلالة سيدنا حفظه الله ورعاه قدوة لتوجيه البوصلة نحو تعليم نوعي متميز، ولنتذكر الورقة النقاشية السابعة لجلالته التي تضمنت أن "بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة" حيث تعد خارطة طريق لنا جميعا مؤسسات وأفرادا "لتوفير البيئة الحاضنة، وتأمين الاحتياجات الضرورية من أجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة"، وإعطاء محور التعليم الأهمية القصوى، لأن انطلاقتنا نحو التقدم والفضاءات العالمية لا تتم ولن تتم الا بالتعليم ثم التعليم ثم التعليم.

رب اجعل هذا البلد آمنا، وحمى الله أردننا ومؤسساته من العبثية وغياب الضمير المؤسسي المسؤول، ودام جلالة الملك سيدا وقائدا، وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين، والله من وراء القصد.

• كاتب واستاذ جامعي/كلية الصيدلة - جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية.
• عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية.
• رئيس جمعية اعضاء هيئة التدريس سابقا.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/06 الساعة 22:02