جدلية النجاح والفشل !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/22 الساعة 00:20

حين نقرأ ما كتبه اديسون عن الفشل، وهو ان له تعريفا آخر غير المتداول فإن ما نظن انه النجاح يصبح امرا مشكوكا فيه، يقول اديسون انه اذا فشل الف مرة فذلك معناه انه اكتشف الف طريق مسدود، وبذلك يجنّب من يأتون بعده هذه الطرق، واذا صدقنا التاريخ الذي قدم لنا نماذج من انتصارات مهزومة وهزائم ظافرة فإن هناك بالمقابل نجاحا انكى من اي فشل وفشلا اهم وابقى من اي نجاح، وقد تبدو هذه التداعيات اشبه بلعبة شطرنج او كلمات متقاطعة والحقيقة انها من صميم الواقع، فالنجاح قصير العمر الذي يحققه اللص او الفهلوي او الخائن هو ادنى بمراحل من الفشل، ومن حققوا انتصارات لم تدم اكثر من الايام التي احتفلوا بها بانتصاراتهم مهزومون بامتياز .
لكن العقل ذا البعد الواحد الذي تحول الى اسفنجة لا تتقن غير امتصاص ما يقع عليها لا يعترف بالجدلية بين العناصر والاشياء في هذا العالم، لهذا يسخر الواقعي جدا والذرائعي من اية خسارة نبيلة حتى لو كانت استشهادا في سبيل قضية عادلة .
وحين قال الراحل هشام شرابي ان الفهم العربي السائد والموروث للنجاح هو فشل الاخر حتى لو كان الاخ او الصديق فقد وضع اصبعه على تلك البؤرة التي طالما تهرّب الاخرون منها ، وهذا ما كرره د . احمد زيل لكن باسلوب آخر حين قارن بين الفشل والنجاح في الثقافة العربية وما يقابلهما في الثقافات الاخرى قال ان الفاشل في بلاد اخرى يجد من يسنده ويعينه على النجاح بعكس الناجح العربي الذي يلقى مصير جلفر في بلاد الاقزام لأن معظم من حوله يبذلون اقصى جهدهم لافشاله، او على الاقل الامتناع عن الاعتراف له بالنجاح .
وسنظل نكرر بلا ملل ان جذر المشكلة في العالم العربي تربوي وليس سياسيا، لأن الساسة تربوا في الحاضنات ذاتها ورضعوا الحبر ذاته !
وقد يكون احد اسباب الاخفاقات المتعاقبة في المقاربات السياسية هو البدء من خاتمة الكتاب وليس من اول سطر فيه وهو السطر التربوي وما يفرزه من تشوهات نفسية واجتماعية !
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/22 الساعة 00:20