الرمثا والنسخة السويسرية
تحادثت في الأمس مع مجموعة من رجالات الرمثا والبحارّة، وهم يرفضون بشدة أي أعمال شغب أو إعتداء على المرافق العامة والحكومية، بل أنهم يؤكدون ولاءهم للوطن والنظام والقيادة بلا مزاودات، ويطالبون بضبط المنافذ والأجهزة الجمركية لمنع تهريب كميات الدخان أو أي ممنوعات خطرة والتي تثير أسئلة إتهامية، ولكن في المقابل يطالبون بالسماح لاستيراد ما يحتاجونه من الإحتياجات المنزلية وفتح طرق تجارية لهم بعد كل ماتحملوه جرّاء الحرب السورية واللجوء وشلل حركة الشاحنات وعدم تفهم بعض المسؤولين لمعانتهم.
ما حدث من رد فعل في مدينة الرمثا من شغب الشوارع وبعض تجاوزات الشباب الغاضب ضد التضييق والإجراءات التي منعت إدخال مشتريات يومية كاللحوم والخضار واحتياجات منزلية يمكن أن يحدث في أي مكان داخل الأردن وفي بلاد العالم، الإضطرابات تشتعل نيرانها في أكبر وأعرق بلدان العالم، الولايات المتحدة وفرنسا، التي شهدت احتجاجات ومواجهات عنيفة، ولكن طرق المعالجة لدى السلطات تبدو متشابهة نوعا ما، وهذا دليل على تغير المنطق العالمي لحل مشاكل الدول الاقتصادية والسياسية، فمتى ما اعتبرت الحكومات أن المواطنين هم أهداف أو خصوم يجب أن تُخضع أو تُهزم، حينها تبدأ معركة الكراهية.
السؤال: لماذا يعتمد الرماثنة والشريط الحدودي على استيراد البضائع من الجانب السوري؟ والجواب هو أن الأسعار في الجانب السوري أرخص من السوق الأردني رغم حالة الحرب والدمار الذي حصل هناك، وكلنا يعلم أن مدينة الرمثا والمناطق الحدودية الشمالية تعتمد تاريخيا على التجارة البينية مع درعا والمناطق المحاذية، والتهريب للبضائع مستمر حتى في ذروة الحرب وفي كل دول العالم حيث تنتعش "تجارة التهريب"، ولكن المنطق يقول أن بلدا مختنقا اقتصاديا كالأردن يجب أن يترك للمواطن متنفسا لتأمين إحتياجاته اليومية بأقل الأسعار.
إذا كان المسؤولون لا تعجبهم "العيشة الجقمة" لأبناء الرمثا والمفرق وقرى الشريط الحدودي، فعليهم أن يقرأوا من خارج منهاج وزارة المالية التي أصابها القلق بانتظار بعثة صندوق النقد والإجابة على أسئلتهم المحرجة، ولنأخذ أمثلة من دول العالم المتقدم كسويسرا مثلاً.
سويسرا من أغنى بلاد العالم وأكثرها رفاهاً، ولكن المدن السويسرية الحدودية مع المانيا وفرنسا تشهد هي الأخرى "حالة رمثاوية" هناك، فالسويسريون ينتقلون في عطلة نهاية الأسبوع بالآلاف ليعبروا منفذ "كروتسلينغن" السويسرية نحو مدينة" كونستانس" الألمانية، مثلاً، لشراء البضائع والإحتياجات المنزلية والتبغ والكحول وكل ما يحتاجونه، ذلك أن الأسعار في المدن الألمانية الحدودية أرخص بكثير من المدن السويسرية، وكذلك الحال مع المدن الحدودية الفرنسية الأرخص، ويتمتع السويسريون بالرديات الضريبية، وإعفاءات جمركية حتى سقف 300 فرنك.
إذا كان في سويسرا شعب يعتمد على الشراء الأرخص من الجيران، فماذا نقول نحن الذين ننتظر أن تفتح علينا معجزة من السماء تحل ورطتنا الكبرى أو تخرجنا من قاع الزجاجة الكبيرة؟ وعلى المسؤولين أن يفكروا في حلول منطقية. الرأي
Royal430@hotmail.com