الاقتصاد البائس!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/24 الساعة 02:18

خبراء الاقتصاد يعرفون اصل هذا التعبير كونه اقتصادا يؤدي الى الكآبة والشؤم، وكثير من القائمين عليه يعتبرون انفسهم خبراء وعلماء الاقتصاد السياسي الذين يستحقون عليه وسام شرف، علماً بأن اي دولة تصل الى درجة الاقتصاد البائس تكون بمصاف الدول المتراجعة عن اللحاق بالتطور والاستقرار الاجتماعي .
فهناك مؤشرات ظاهرة للعيان لأي اقتصاد بائس لا يستطيع احد ان ينكرها او يتغاضى عما يجري فلقد اصبح الكسل والاحباط واليأس مسيطر على انتاجية الفرد وحسن ادائه لعمله وتحفيزه للانتاج فهناك بعض السياسات تؤدي الى الاصابة بالخمول العملي ويأس الصانع والمنتج، والقرارات الغير صائبة ستؤدي الى خلق حالة من الفوضى الاقتصادية والاجتماعية لما سيترتب عليه من التزامات مالية ليس بمقدور رجل الاعمال تحملها، فتكثر نسبة الهروب من الملاحقة المالية، ويكثر الفساد وغيره وتنخفض نسبة وحدة الفضيلة بالعمل والسلوك، وليس هناك من طرف يرغم الموظف والعامل على زيادة الانتاجية سوى التهديد بالفصل .
والقائمين على الاقتصاد البائس يحملون افكاراً مثل ترك الناس وشأنهم في تدبير امورهم، ويصبح الاغنياء واصحاب النفوذ يقمعون الفقراء والمتضررين على تصرفاتهم وسلوكهم، فيصبح هناك خلل اجتماعي ويزداد الالم بدل معالجته.
الأهم هو وقف هذا التدهور والانتقال الى الاقتصاد المستنير واليقظة لصناعة الثقة في اصحاب الاعمال والمستثمرين، واحترام وضعية اصحاب الاعمال في ضوء المتغيرات والمؤثرات المختلفة، فهناك منفعة متبادلة وعلينا ان نبتعد عن الافكار الفلسفية التي يطلقها بعض خبراء الاقتصاد والتي اضرت بالاقتصاد .
فهناك محتوى انساني واخلاقي ووطني يجب اخذه بعين الاعتبار، وعلينا الابتعاد عن التعالي والتكبر والانصات لمطالب اصحاب العمل اياً كان نوع العمل، فلم يعد هناك لحظات هناء واستقرار لدى اصحاب العمل، لذلك يزداد إغلاق مصالحهم الصناعية والتجارية، وحتى لا يصبح الوضع الاقتصادي البائس مؤثراً ومتعارضاً مع الاخلاق والفضيلة والخروج عن الحدود الانضباطية .
وهل وصلنا الى حالة التبرع بالدم لانقاذ مريض مقابل المال او شراء الاعضاء مقابل الحصول على مبلغ نقدي ليسد حاجته المعيشية، وهل اصبحت تجارة المخدرات وسيلة رزق اساسية .
اي ان ذلك الاقتصاد اليائس سيؤدي الى اضمحلال الفضائل الاخلاقية التي تقوم عليها العديد من الوظائف، فعلينا ان نخرج من النطاق التقليدي في رسم السياسات الاقتصادية الى الاقتصاد المستنير المتطور، ورجال اعمال الفكر الاقتصادي البارعين في صناعة ديناميكية العمل والتعامل .
فنحن نعيش في عالم التنافسية في كل مناحي الحياة العملية حتى في محاربة التلوث والعولمة، فليس هناك عدالة في ذلك التنافس، فالقوي يأكل الضعيف صناعياً وخدماتياً، وتؤثر ذلك على الفضيلة الاجتماعية والاخلاقية .
لذلك تنتشر الافات الاجتماعية والرذيلة والبلطجة والفساد وبيوت الدعارة، وهل هذه مسؤولية أمنية فقط لا بل هي مسؤولية من ادى الى ذلك، فالمسؤولية جماعية ووطنية علينا ان نواجهها بكل حزم واقتدار، فالجوانب القبيحة بالسلوك الانساني لم تأت من عبث، وهناك علم اجتماع وعلم نفس كما هناك علم الاقتصاد .
وهناك الاجحاف بحق المواطن والانانية التي تؤدي الى الشر والسلوك الغير سوي فهل سنصل يوماً الى اقتصاد في خدمة الانسان، وان يكون هناك خبراء جدد يرسمون سير ومسار العربة الاقتصادية .
حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة. الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/24 الساعة 02:18