القضاة يكتب: استقالات كلية إعلام اليرموك.. زوبعة في فنجان

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/22 الساعة 23:00

الدكتور علي منعم القضاة *

تناولت العديد الصحف والمواقع الإلكترونية الاستقالات الجماعية في كلية الإعلام في جامعة اليرموك، وأثارت حولها لغطاً وزوبعة من غير تدقيق في الأسباب، ولا في صحة المعلومات، والسؤال هنا.. هل فعلاً تمت الاستقالة، أم أنها زوبعة في فنجان؟؟

إن قلة من المهتمين والمعنيين بكلية الإعلام بحكم التخصص، يرون الأمر بشكلٍ مختلف، لذا؛ سنظهر الوجه الآخر للحقيقة، إذا صح الخبر؛ بأن هناك استقالات جماعية.

تقول الصحف والمواقع إن الاستقالات جاءت رغبة من الكلية، حيث شملت عميد الكلية، ومساعد عميد الكلية، ورئيسة قسم الصحافة المدمج مع قسم الدراسات العليا، وهي دكتورة من الكفاءات الأردنية المشهود لها. ورئيس قسم الإذاعة والتلفزيون الذي يحمل درجة الماجستير في الإعلام من جامعة اليرموك نفسها، وهو مسموح له قانوناً أن يكون رئيساً للقسم.

ولكن بكل تأكيد سيكون من بين التعيينات الجديدة من يحمل درجة الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون في القسم نفسه، وقد يتغير الحال. وأعتقد أنه شيء طبيعي ومعروف أن لكل إدارة رجالات يتعاونون معها، أو هم أكثر توافقاً معها في العمل، ولذلك الاستقالات ليست مستغربة لرؤساء الأقسام من غير العميد الذي أمضى في المنصب ثلاث سنوات.

إن الناظر إلى إدارة كلية الإعلام في جامعة اليرموك عن كثب، سيجدها تقوم منذ فترة ليست بالقصيرة، بوضع كل العراقيل أمام تعيين الكفاءات الأردنية من حملة المؤهلات العلمية، ومن ذوي الإنتاج العلمي الغزير، رغم الحاجة الماسة لهم في تدريس الطلبة، وتختلق الكلية الحجج الواهية والأقاويل؛ وهي الجامعة الرسمية الوحيدة التي يوجد فيها كلية إعلام.

وخلال هذه الأوضاع في الكلية، قام مجلس أمناء جامعة اليرموك بالتوافق مع مجلس عمدائها مشكورين بإنهاء عقود جميع العاملين من غير الأردنيين في الكليات الإنسانية، مع نهاية الفصل الثاني 2018/2019؛ ومنهم خمسة من أعضاء هيئة تدريس في كلية الإعلام، اثنان من تخصص الصحافة، وثلاثة من تخصص العلاقات العامة. منهم مساعد عميد الكلية هو دكتور عراقي خريج جامعة بغداد، برتبة أستاذ مساعد، يعمل في الكلية منذ ثماني سنوات، وكذلك رئيس قسم العلاقات العامة دكتور يمني برتبة أستاذ مساعد خريج جامعة القاهرة، كما هي حالة ثلاثة زملاء آخرين، دكتور مصري عمل أحد عشر عاماً في قسم العلاقات العامة وهو من تخصص الصحافة والإعلام، ودكتور عراقي آخر، ودكتور يمني آخر من قسم العلاقات العامة. جميعهم أنهيت خدماتهم، امتثالا لقرار مجلس العمداء آنف الذكر، وهم لم يستقيلوا كما نشرت المواقع، على أمل أن يتم تعيين أعضاء هيئة تدريس أردنيين عوضاً عنهم، وأعتقد أن هذا مطلب شريف لكل أردني، وإن توطين الوظائف لا ينقص من قدر، ولا من مكانة غير الأردنيين العلمية، ولكن الأردني أحق بالعمل في جامعات وطنه، من أي قادم آخر. مع أن هناك أردنيين من خريجي الكلية نفسها والقسم نفسه قبل هذا الزميل ولم يتم تعيينهم.

وما زالت إدارة الكلية تصر على تعيين غير الأردنيين وإقصاء الأردنيين، فقد صرح رئيس الجامعة نفسه لأحد المواقع أنه طلب من عميد الكلية، أن يقوم بالإعلان عن حاجة الكلية لتعيين أعضاء هيئة تدريس، ليأتي له العميد بعدها بطلبات وسير ذاتية كلها من جمهورية مصر العربية، وبأقدمية تخرج سنة وسنتين، ولكن رئيس الجامعة مشكوراً رفض هذا التنسيب بالتعيين، لأن الأردني أولى بجامعات بلده من وجهة نظر رئيس جامعة اليرموك.

إعلانات توظيف (أعضاء هيئة تدريس) التي صدرت من كلية الإعلام، كانت مليئة بالتناقضات، فتارة لا يطلبون أي شرط يتعلق بالبكالوريوس ولا بالثانوية العامة، وتارة يسقطون شرط الجنسية في الإعلام أملاً منهم أن يعينوا غير الأردنيين، أو يقنعوا الرئيس بأنه لا يوجد أردنيون يحملون دكتوراه في الإعلام. وتارة يمنعون من تقدم مسبقاً بطلب وظيفة أن يتقدم من جديد بطلب للكلية، حتى لو كانت تنطبق عليه الشروط، وكأن التقدم للعمل سابقاً كان كفراً ويجب أن يستتاب المتقدم من جديد عن فعلته السابقة، وتارة يشترطون على المتقدمين معدلاً فوق (65%)، الثانوية العامة وهو شرط غير موجود لا في قرارات مجلس التعليم العالي، ولا في قرارات مجلس عمداء جامعة اليرموك نفسها.

والحقيقة أن هذا الإدعاء غير صحيح ولا وجود لقانون كهذا، أو تعليمات كما يثبت كتاب رئيس مجلس التعليم العالي رقم: م ت/ 10328 الصادر بتاريخ:10/9/2018. ولا حتى في قرارات مجلس عمداء جامعة اليرموك نفسها رقم (441/2017)، الذي اتخذه في جلسته رقم (47/2017)، تاريخ 31/12/2017، المتعلق بأسس تعيين وتحويل تعيين أعضاء الهيئة التدريسية، الحصول على معدل 65% في الثانوية العامة، لتعيين أعضاء هيئة تدريس، وقد كان الشخص نفسه عميداً في حينه.

يبدو أنها منهجية تقوم بمحاربة وإقصاء الكفاءات الأردنية عن مؤسسات وطنهم، وهو أمر مستهجن، ويسير عكس توجهات القيادة الهاشمية الرشيدة، التي تسعى لاستقطاب الأردنيين، وتركز على الكفاءات الأردنية دائماً، فإن هذه الحجج تأتي عكس توجهات مجلس أمناء جامعة اليرموك، ومجلس عمداء جامعة اليرموك نفسها، وحتى مع تصريحات رئيس جامعات اليرموك نفسه. أن عميد الكلية المقال أو المستقيل – لا فرق – يقوم بالتنسيب لتعيين غير أردنيين، نعم هكذا تتم محاربة الكفاءات الأردنية، المؤهلة من قبل إدارة كلية الإعلام المستقيلة، إن صح التعبير.

عندما كان قسم الصحافة والإعلام تابعاً لكلية الآداب في جامعة اليرموك كان لديه (25) عضو هيئة تدريس منذ ثلاثة عقود 1989، وما قبل، منهم فقط (3) أعضاء يحملون درجة ماجستير، وبنسبة (13%) فقط من الذين يقومون بالتدريس. وهي نسبة تنسجم مع كل معايير الاعتماد العالمية.

وفي عام 2019، وبعد مضي عشر سنوات تحول القسم إلى كلية فيها أربعة أقسام أكاديمية، تقلص عدد أعضاء هيئة التدريس في الكلية إلى (20) فقط (11) منهم فقط يحملون درجة الدكتوراه، و(9) أعضاء لا يحملون إلا درجة الماجستير وبنسبة (47 %) إلى المجموع الكلي من أعضاء هيئة التدريس من حملة الماجستير الذي يباشرون التدريس فعلاً ، وهي تخالف كل معايير الاعتماد العالمية، مما جعل الكلية متعثرة جداً. وإن إدارة الكلية لا تبالي باحتجاجات الطلبة على المواقع الإلكترونية، الذين يقولون من حقنا كطلبة ونحن ندفع رسوماً دراسية، أن نتلقى التعليم من أناس متخصصين، وليس من كلية الفنون.

إننا نرى ما نُشر في الصحف والمواقع غير دقيق، خاصة فيما يتعلق بالإعلانات المتكررة لطلب أعضاء هيئة تدريس، وأنه لم يتقدم أحد من الأردنيين من حملة دكتوراه الإعلام بتخصصاته الثلاثة، بل تقدموا بطلبات التوظيف، وشروط الإعلان تنطبق عليهم، ولكنهم لا يتفقون مع مصالح بعض الأشخاص في إدارة الكلية.

وعوداً للخبر فإن مجلس أمناء اليرموك، قد قام بتعيين نائب عميد كلية الإعلام الحالي قائماً بأعمال عميد الكلية. وأعتقد شخصياً أن العميد القادم سيكون أفضل بكل المواصفات، المهنية والأكاديمية والإدارية، فهو مهنياً صحفي متمرس ورئيس فرع نقابة الصحفيين الأردنيين في الشمال، وهو عضو مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بيت الخبرة الإعلامية، وهو خريج الجامعات الأمريكية التي تشترطها إدارة الكلية المقالة.

أما إدارياً فقد سبق للعميد الجديد أن شغل منصب نائب عميد لأكثر من فترة، وهو المستشار الإعلامي لرئيس جامعة اليرموك. إضافة إلى أنه أكثر المتشجعين لرفد الكلية بالكفاءات الأردنية من أعضاء هيئة التدريس. ولا يساورنا الشك أن الكلية في قابل الأيام ستنتعش، وتعود لسابق مجدها وعهدها، وتنهض بتدريس التخصصات الإعلامية، وسترفد من جديد ساحاتنا بكفاءات إعلامية كما كانت سابقاً، خاصة أنها الكلية الوحيدة في الجامعات الرسمية التي تقوم بتدريس تخصصات إعلام، وأن مقرر الثقافة الإعلامية أصبح إجبارياً في كل الجامعات الأردنية.

لذلك فإن الإقالة، أو الاستقالة – سيان - كانت واجبة منذ زمن بعيد، وهي بكل تأكيد ليست استقالة احتجاجية، بل هي خطوة استباقية للتشويش على قرارات الجامعة الحكيمة التي أصبحت تنتهج الوقوف إلى صف الأردن، والكفاءات الأردنيين أكثر من أي وقت مضى.

* أستاذ مشارك في الصحافة والتحرير الإلكتروني

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/22 الساعة 23:00