الكباريتي يكتب عن قمة عمان: لا يحتمل التأخير
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 11:04
بقلم: العين نائل رجا الكباريتي
يتطلع اتحاد الغرف العربية إلى انعقاد الدورة (28) للقمة العربية في المملكة الأردنية الهاشمية التي ستعقد برئاسة جلالة الملك عبد الله الثاني بنهاية مارس 2017 بكثير من الاهتمام والأمل، ولنا ملء الثقة بجلالته وحكمته وقدرته على تحقيق نجاح نوعي في لمّ الشأن العربي. ويأمل الاتحاد أن تتكلل القمة بالنجاح، وأن تتخذ ما يلزم من قرارات بما ينسجم مع تطلعات المواطن العربي. ذلك إن العالم العربي يمر حاليا في ظروف إقليمية ودولية غير عادية ولا مسبوقة، ووقعها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية العربية، بمختلف جوانبها وتشعباتها وبكافة شرائحها ومجتمعاتها، يضاهي أي منطقة أخرى في العالم. وهذا الوضع الاستثنائي، الذي يكاد يكون فريدا في تاريخ الاقتصاد العربي، يتطلب جهدا استثنائيا ومضاعفا في مسار العمل العربي المشترك لدفع اتجاهات التكامل الاقتصادي العربي بسرعة أكبر وأكثر كفاءة ونوعية من النواحي العملية والملموسة.
أن هناك إنجازات قد تحققت على مستوى منظومة العمل الاقتصادي العربي المشترك، وأهمها الإعلان في الدورة (99) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عن اختتام "جولة بيروت" لمفاوضات تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية، بما يتيح إدماجها جنبا إلى جنب مع تحرير التجارة السلعية، علما أن مساهمة تجارة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي العربي توازي نسبة 70%، ولكن الطريق لا يزال طويلا أمامنا. ذلك إن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لا تزال تواجه قيودا غير جمركية، تتمثل أساسا في القيود الفنية، ناهيك عن الارتفاع النسبي الكبير في تكاليف النقل التجاري وطول الوقت المستغرق للتجارة، بالرغم من مرور أكثر من 19 عاما على انطلاق العمل بهذه المنطقة.
والمطلوب اتخاذ قرارات حاسمة في سبيل حماية المكتسبات من جهة، والدفع قدما بالمشروع التكاملي الاقتصادي العربي. فالأمر لا يحتمل التأخير ولا المراوحة، خصوصا في ظل تزاحم التحديات الاقتصادية، من جراء ضعف انتعاش الاقتصاد العالمي، والتراجع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية، ناهيك عن الصراعات المدمرة المستمرة في عدد من الدول العربية وتداعياتها الشديدة الأثر، والتي أرخت بثقلها على البيئة التجارية العربية لصالح تزايد الحماية التجارية. وهناك مؤشرات مقلقة تبين أن الموجة الجديدة للحماية التجارية العالمية قد وصلت أبواب العالم العربي الذي يعاني أصلا من استمرار القيود غير الجمركية بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
ولا شك أن الأرضية الأساسية للسير قدما لا بد من أن ترتكز على المشروعات التكاملية للربط البري والبحري والكهربائي وفي شبكة المعلومات، بالتوازي مع العمل الجدي في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي التزمت بها القمة العربية السابقة في موريتانيا، بشراكة مع القطاع الخاص العربي الذي له مصلحة قوية في استثمار الفرص التي تتيحها هذه الأهداف ونتائجها.
وهذه القضايا من شأنها أن تشعر المواطن العربي بأن هناك عملا مشتركا يمس حياته ويساهم في ترقية مستوى معيشته في مجالات حيوية مثل الحد من الفقر والأمية والبطالة والصحة والتعليم. والنظام التعليمي في عالمنا العربي لا يحتاج فقط إلى إصلاح، وإنما إلى ثورة شاملة لإعادة بنائه بشكل كامل، سواء من حيث المناهج أو الوسائل أو المنتجات أو البحث العلمي أو من حيث اكتساب التكنولوجيا وتطبيقاتها المتنوعة، وخاصة في مجال الابتكار والإبداع. ولن يكون ممكنا لنا نحن العرب أن نكسب رهان التطور والتقدم بدون نظام تعليمي حديث يواكب متطلبات العصر الحديث وتطوراته التي تمضي بسرعة مذهلة.
كما من المهم جدا تعزيز الحضور العربي الدولي والعلاقات والتشابكات الاقتصادية العربية الدولية مع مختلف الأقطاب والدول الصديقة، وأن نواكب ما يحدث من حولنا موحدين ومن موقع المبادرة. ونشير في هذا الصدد إلى أهمية أن تنظر القمة العربية القادمة في وضع استراتيجية عربية موحدة للتفاعل مع تطور بالغ الأهمية، ويتمثل بمبادرة الصين لبناء حزام وطريق الحرير الجديد التي انطلقت عام 2013 ووجدت طريقها إلى التنفيذ بقوة، وينتظر أن تحدث فارقا كبيرا في ملامح التجارة العالمية المستقبلية عبر شبكة مترامية من البنى الأساسية ووسائل النقل البرية والبحرية التجارية المترابطة للصين في آسيا ومع أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا على طول الطرق التجارية القديمة، لا سيما طريق الحرير المشهور في العالم القديم. ومن شأن ذلك أن يضيف حيوية جديدة تعيد الزخم للاقتصاد العالمي على أسس جديدة من الانفتاح والازدهار المشترك، والذي نأمل أن تكون بلادنا العربية جزءا أساسيا منه.
ونحن نتطلع إلى القيادات العربية لكي تأتي قراراتها في القمة العربية على مستوى التحديات والتطلعات. كما نعّول بالأخص على دول مجلس التعاون الخليجي لقيادة النهضة الاقتصادية العربية في المرحلة القادمة، بما وصلت إليه من منظومة اقتصادية خليجية متكاملة، وما حققته من إنجازات نعتّد ونعتّز بها، متطلعين إلى مبادرات اقتصادية استراتيجية جديدة وعصرية، من شأنها الانتقال بالتكامل الاقتصادي العربي من حالة المراوحة إلى المسار الذي يواكب طموحاتنا بالتقدم والبناء والازدهار، والذي نثق بأن الطاقات البشرية العربية قادرة على تحقيقه لو توفر لها الحد الأدنى من الظروف المناسبة لذلك.
* رئيس مجلس إتحاد الغرف العربية
رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن
يتطلع اتحاد الغرف العربية إلى انعقاد الدورة (28) للقمة العربية في المملكة الأردنية الهاشمية التي ستعقد برئاسة جلالة الملك عبد الله الثاني بنهاية مارس 2017 بكثير من الاهتمام والأمل، ولنا ملء الثقة بجلالته وحكمته وقدرته على تحقيق نجاح نوعي في لمّ الشأن العربي. ويأمل الاتحاد أن تتكلل القمة بالنجاح، وأن تتخذ ما يلزم من قرارات بما ينسجم مع تطلعات المواطن العربي. ذلك إن العالم العربي يمر حاليا في ظروف إقليمية ودولية غير عادية ولا مسبوقة، ووقعها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية العربية، بمختلف جوانبها وتشعباتها وبكافة شرائحها ومجتمعاتها، يضاهي أي منطقة أخرى في العالم. وهذا الوضع الاستثنائي، الذي يكاد يكون فريدا في تاريخ الاقتصاد العربي، يتطلب جهدا استثنائيا ومضاعفا في مسار العمل العربي المشترك لدفع اتجاهات التكامل الاقتصادي العربي بسرعة أكبر وأكثر كفاءة ونوعية من النواحي العملية والملموسة.
أن هناك إنجازات قد تحققت على مستوى منظومة العمل الاقتصادي العربي المشترك، وأهمها الإعلان في الدورة (99) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عن اختتام "جولة بيروت" لمفاوضات تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية، بما يتيح إدماجها جنبا إلى جنب مع تحرير التجارة السلعية، علما أن مساهمة تجارة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي العربي توازي نسبة 70%، ولكن الطريق لا يزال طويلا أمامنا. ذلك إن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لا تزال تواجه قيودا غير جمركية، تتمثل أساسا في القيود الفنية، ناهيك عن الارتفاع النسبي الكبير في تكاليف النقل التجاري وطول الوقت المستغرق للتجارة، بالرغم من مرور أكثر من 19 عاما على انطلاق العمل بهذه المنطقة.
والمطلوب اتخاذ قرارات حاسمة في سبيل حماية المكتسبات من جهة، والدفع قدما بالمشروع التكاملي الاقتصادي العربي. فالأمر لا يحتمل التأخير ولا المراوحة، خصوصا في ظل تزاحم التحديات الاقتصادية، من جراء ضعف انتعاش الاقتصاد العالمي، والتراجع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية، ناهيك عن الصراعات المدمرة المستمرة في عدد من الدول العربية وتداعياتها الشديدة الأثر، والتي أرخت بثقلها على البيئة التجارية العربية لصالح تزايد الحماية التجارية. وهناك مؤشرات مقلقة تبين أن الموجة الجديدة للحماية التجارية العالمية قد وصلت أبواب العالم العربي الذي يعاني أصلا من استمرار القيود غير الجمركية بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
ولا شك أن الأرضية الأساسية للسير قدما لا بد من أن ترتكز على المشروعات التكاملية للربط البري والبحري والكهربائي وفي شبكة المعلومات، بالتوازي مع العمل الجدي في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي التزمت بها القمة العربية السابقة في موريتانيا، بشراكة مع القطاع الخاص العربي الذي له مصلحة قوية في استثمار الفرص التي تتيحها هذه الأهداف ونتائجها.
وهذه القضايا من شأنها أن تشعر المواطن العربي بأن هناك عملا مشتركا يمس حياته ويساهم في ترقية مستوى معيشته في مجالات حيوية مثل الحد من الفقر والأمية والبطالة والصحة والتعليم. والنظام التعليمي في عالمنا العربي لا يحتاج فقط إلى إصلاح، وإنما إلى ثورة شاملة لإعادة بنائه بشكل كامل، سواء من حيث المناهج أو الوسائل أو المنتجات أو البحث العلمي أو من حيث اكتساب التكنولوجيا وتطبيقاتها المتنوعة، وخاصة في مجال الابتكار والإبداع. ولن يكون ممكنا لنا نحن العرب أن نكسب رهان التطور والتقدم بدون نظام تعليمي حديث يواكب متطلبات العصر الحديث وتطوراته التي تمضي بسرعة مذهلة.
كما من المهم جدا تعزيز الحضور العربي الدولي والعلاقات والتشابكات الاقتصادية العربية الدولية مع مختلف الأقطاب والدول الصديقة، وأن نواكب ما يحدث من حولنا موحدين ومن موقع المبادرة. ونشير في هذا الصدد إلى أهمية أن تنظر القمة العربية القادمة في وضع استراتيجية عربية موحدة للتفاعل مع تطور بالغ الأهمية، ويتمثل بمبادرة الصين لبناء حزام وطريق الحرير الجديد التي انطلقت عام 2013 ووجدت طريقها إلى التنفيذ بقوة، وينتظر أن تحدث فارقا كبيرا في ملامح التجارة العالمية المستقبلية عبر شبكة مترامية من البنى الأساسية ووسائل النقل البرية والبحرية التجارية المترابطة للصين في آسيا ومع أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا على طول الطرق التجارية القديمة، لا سيما طريق الحرير المشهور في العالم القديم. ومن شأن ذلك أن يضيف حيوية جديدة تعيد الزخم للاقتصاد العالمي على أسس جديدة من الانفتاح والازدهار المشترك، والذي نأمل أن تكون بلادنا العربية جزءا أساسيا منه.
ونحن نتطلع إلى القيادات العربية لكي تأتي قراراتها في القمة العربية على مستوى التحديات والتطلعات. كما نعّول بالأخص على دول مجلس التعاون الخليجي لقيادة النهضة الاقتصادية العربية في المرحلة القادمة، بما وصلت إليه من منظومة اقتصادية خليجية متكاملة، وما حققته من إنجازات نعتّد ونعتّز بها، متطلعين إلى مبادرات اقتصادية استراتيجية جديدة وعصرية، من شأنها الانتقال بالتكامل الاقتصادي العربي من حالة المراوحة إلى المسار الذي يواكب طموحاتنا بالتقدم والبناء والازدهار، والذي نثق بأن الطاقات البشرية العربية قادرة على تحقيقه لو توفر لها الحد الأدنى من الظروف المناسبة لذلك.
* رئيس مجلس إتحاد الغرف العربية
رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 11:04