الرواشدة يكتب: عودة المقاتلين ، كيف نتعامل معها ؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/20 الساعة 10:31
بقلم أوس حسين الرواشدة
في الآونة الأخيرة تحوّلت داعش من " دولة الخلافة" إلى مجرد " تنظيم " إرهابي شبه مفرّق في مناطق عدّة ، وحدث ذلك نتيجة الضربات الي تلقتها داعش من الدول الأخرى ، حيث تحوّلت استراتيجية الحرب لديهم من حرب منظمة إلى حرب " عصابات " تشوبها الكثير من الأخطاء التي من الممكن استغلالها للقضاء على هذا التنظيم بشكل تام .
وبما أنَّ هذا التنظيم يضمّ - بطبيعة الحال - جنسيّات وقوميّات مختلفة في صفوفة ، يجب ذكر أنّه من بين الملتحقين به ، يوجد ما يقارب (١٠٠٠- ٣٠٠٠ ) أردني وفق تقريرات رسمية أو غير رسمية ، ما يهم هنا هو معرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع هؤلاء المقاتلين الأردنيين ، في حال عودتهم إلى الأردن ، ما هي الوسيلة المناسبة والإجراءات الملائمة التي يجب اتّخاذها معهم ؟ . هناك عدّة خيارات من الممكن استخدامها للتعامل معهم ، الأول : منعهم من العودة بشكل تام ، باعتبارهم " ألغاماً " من الممكن أن تنفجر في وجوهنا في أي وقت ، كما حدث مع مصعب الزرقاوي ، ومن الممكن تطبيق هذا الخيار بعدّة وسائل منها سحب الجنسية منهم أو وضع أسمائهم في قائمة الممنوعين من الدخول إلى الأراضي الأردنية ، ويكون تفعيل هذا الخيار من باب " إخلاء المسؤولية " عنهم وعن أفعالهم باعتبارهم غير أردنيين ، لكن علينا أيضا أن نضع في حساباتنا بروز ظاهرة " الإرهابيين الإخوة " أو " العائلة الإرهابية " ، حيث أنّ عدد من الأردنيين الملتحقين بصفوف التنظيم يوجد بينهم صِلة قرابة . الخيار الثاني هو خيار قانوني ، يقوم على التعامل معهم كملف أمني ومصدر تهديد ، ولكي يكون هذا الخيار عادلاً ، يجب تصنيف العائدين منهم بحسب درجة خطورتهم ودورهم في التنظيم مع الأخذ بعين بعين الاعتبار الدوافع التي جعلتهم يلتحقون بالتنظيم ، ناهيك عن من وُلد لأبوين من أعضاء التنظيم في " مُناخ " إرهابي بحت ، فالتصنيف هنا يجب أن يكون مبنياً على دراية شاملة بدور العائدين والظروف التي جعلت منهم مقاتلين لدى تنظيم إرهابي ، ومن خلال هذا التصنيف تتمّ محاكمتهم محاكمة عادلة . يبقى الخيار الثالث وهو خيار موازٍ للحلِّ القانوني ، ويتمثّل بمحاولة دمجهم في المجتمع ، من خلال تقديم برامج " الدمج الاجتماعي " لهم في السجون وخارجها ، هنا يجب الاعتماد على التصنيف والتفريق بينهم ، فالأعضاء الأقل خطورة ، من الممكن إعادة دمجهم في المجتمع والاستفادة منهم كعنصر فعّال في المجتمع ، لأنّهم بالأساس كانوا على " هامش " التنظيم ولم يتعمّقوا به ، فإمكانية التخلّص من " غسيل الدماغ " الذي جرى لهم كبيرة ، وعلى الجهة الأخرى ، علينا زيادة وعيّ المجتمع وجعله يتقبّل عودة المقاتلين له بصدر رحب ، لأنّه في حال عدم قبول المجتمع لهم ، سيؤدي ذلك إلى حدوث " صدمة " الرفض لدى المقاتلين العائدين ومن الممكن أن تكون تلك الصدمة ، بوابة جديدة لإحياء الإرهاب فيهم من جديد . يبدو أنَّ لكل من هذه الخيارات كُلفة وعبئ ، لكن يبقى على الدولة اختيار القرار الأنسب ، الذي ينسجم مع المجتمع ويراعي ملف الإرهاب كونه ملف دولي خطير .
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/20 الساعة 10:31