في حضرة (سيدة النساء) عجز الكلمة وعقم التعبير

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 09:36
بقلم : هبة الكايد

ما أن تتخذ قرارا بأنك ستكتب مقالا عن "الأم" إلا وتجد كل الكلمات تتجه صوب أبجدية مختلفة لم يعرف عنها التاريخ بعد، بل وتتضارب أمامك الكلمات وتضطرب الحروف متلعثمة وكأنك طفل في السنة الأولى من عمره .. يحاول أن يُلملم حروفه للخروج بكلمة مفيدة تزرع الفرحة على شفاه من حوله معلنا بها لهم انه اصبح جاهزا ليتعلم الكلام ويكوّن من تلك الحروف أحلى الجمل.

وهذا ما يحصل في حضور الأم .. يتصدر الصمت الموقف بوقوف وصيفين إلى جانبه يدعيان "الحيرة والذعر" حيرة باختيار الكلمات التي تليق بتلك السيدة وذعر بانتقاء الوصف الأرقى لإنسانة أوصى ببرها خالق السماوات .. إنسانة ذكرها الله بكتابه في مواقف عديدة.. وتحدث عن عظيم رحمتها وطهر قلبها وسعة صدرها في محكم تنزيله.

فتخيلوا أن تجتمع رهبة الكتابة الآن عن امرأة اوصاك بها الخالق جل وعلا بنفسه مع حديثك عن نفس الانسانة التي رعتك في رحمها شهورا وسرعان ما استبدلت اعباء حملك الموجعة بضمة وقبلة وابتسامة لحظة خروجك على الدنيا.

حين تكتب عن الأم لا يمكنك أن تتجاهل ابدا انك في حضرة سيدة النساء فعلا .. فهي التي لا يمكن تجاهل فضلها مهما حاولت ذلك .. وهي التي يظل شعورك بالتقصير معها يراودك مهما قدمت لها..وهي فقط من تستحق منك أن تقبل قدميها عرفانا وتعظيما .. كيف لا ومفتاح الجنة الذي نتعطش جميعا للحصول عليه تحت أقدامها هي.

كُثُرٌ هم من يقولون أن الأم ليس لها يوم واحد وأن كل الايام لها.. ولكني ممن لهم نظرة مغايرة في هذا الموضوع بأن هذا الكلام قد يكون صحيحا في حال كنا وكنتم ممن لا تلهيهم مشاغل الدنيا عن بر والدتهم ووصلها وتكريمها بالهدايا والكلمات الطيبة وما شابه مما يَسُر قلبها ويشعرها بأن حبها لا زال بأمان في قلوبنا.

أما في عصرنا وحالنا هذا فأرى أن أي أم بحاجة فعلا ﻷن تجد ابنائها تركوا كل شيء في هذا اليوم من اجلها.. وإن قالت وادعت امامهم غير ذلك إلا انها بحاجة لأن تعرف أن هناك قيمة لها في قلوب ابنائها ظنت يوما أنها فقدتها.. هي تحتاج أن تثبت بينها وبين نفسها أن تلك الغرسة التي غرستها بكل هذا الحب قد ردت لها تلك المحبة أضعافا من الحب والتقدير والتعظيم، وقد أثمرت بكل ما تحب وتتمنى وتشتهي.

الأم .. تحتاج منا ومنكم لفتة كريمة لسمو عطائها الذي ابدا لا ينضب.. ولست أقصد بهذا الهدايا أبدا.. إنما اللمّة الدافئة حولها.. وكلماتكم الطيبة في حقها .. وعدم نكرانكم فضلها وصبرها وسهرها وخوفها ودموعها.. فبركة دعائها وحدها كفيلة بأن تبقينا في عيشة هانئة ومطمئنة نحن وعائلاتنا وكل من نحب.

وتذكروا أنه مهما كبرنا ومهما تقدّم بنا العمر ومهما أخذتنا مشاغل الحياة تبقى حاجتنا وحنيننا إلى هذه الإنسانة فوق كل الاحتياجات.. ويظل صوتها في القلب صامتا لا يعبئه أي صوت.

فوحدها "الأم" وجودها يعني "الحياة" وفراقها يعني "الموت".
  • لحظة
  • نساء
  • تقبل
  • الطيبة
  • كريمة
  • لب
  • يعني
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 09:36