خماش يكتب: يُعِزُ مِنْ يِشَاءُ ويُذِلُ مِنْ يَشَاءُ

مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/19 الساعة 06:27
عندما يبلغ الإنسان سن الشباب والقوة والعنفوان، ينسى كيف خرج من رحم أمه وهو جنين ضعيف لا يقوى على عمل أي شيء مثل قطعة العجين. وقد سخَّر الله له أمه لترضعه وتعتني به وتنظف عليه وترعاه ليلاً ونهاراً حتى يشتد عوده. وينسى كذلك كم تعب والداه في تربيته ونشأته وتعليمه السنين الطويلة حتى أصبح شاباً قوياً متعلماً. ولم يفكر أيضاً في أنه إذا كتب الله له العمر الطويل سيشيخ ويعود ضعيفاً كما كان وهو طفل وقد وصفه الله في هذه الآية باختصار (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (الروم: 54)). كما وينسى البعض ممن أعزهم الله بالجاه والمال والقوة أن كل ذلك من الله وليس على علمٍ منهم أو بسبب ذكائهم وفطنتهم وخصوصاً من ورث الجاه والمال والقوة من والدية بدون جهد. وبعض هؤلاء رسبوا في امتحان الله لهم لأنهم لم يحسنوا التصرف فيما آتاهم الله من الجاه والمال والقوة بما يرضى الله عنهم، وإنما فجروا وعتوا وظلموا وبغوا وتجاوزوا حدود الله بشكل لا تقبله النفس البشرية السوية، وإعتقدوا أن لا أحد يقدر عليهم. ولم يأخذوا درساً من قارون عندما قال: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ، فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ (القصص: 78-79)). وهذا ما فعله البعض بتكبر وكأنه يقول يا أرض إشتدي ما عليك أحد قدي. وبعض هؤلاء الأشخاص لم يأخذوا بعين الإعتبار أن الله قال في كتابه العزيز ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165)). ولم يعلموا أولئك أن الله في حقوق العباد سريع العقاب ولكنه في حقوقه غفور رحيم فكيف وقد إستغلوا أموالهم وقوتهم وعلاقاتهم في ظلم الآخرين وتجرؤوا على الله في مخالفة كثيراً من أوامره. وها نحن نرى هذه الأيام العَجَبَ العُجَابَ في بعضهم ممن لحق بهم من خسائر مادية فادحة وتدمير لإقتصادهم وتشهير بهم وزوال النعمه عنهم شيئاً فشيئاً ... إلخ من مظاهر عقوبات رب العالمين عليهم في الدنيا قبل الآخرة. وينطبق على بعضهم الآية التالية (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (النحل: 112)). فالله في هذه الأيام يذيقهم لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون من أفعال وأعمال وتصرفات لا ترضي الله ولا النفوس البشرية السوية. والله يمهل الظالم لأجل مسمى فإذا جاء أجله يأخذه أخذ عزيز مقتدر ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (النحل: 61)). فنذكر الآخرين ممن فعلوا أفعالهم ولم يحين أجلهم أو عندهم النوايا ليقدموا على فعل أفعالهم أن يأخذوا عبر مما لحق بغيرهم ويرتدعوا ويعودوا الى الله ويتوبوا توبة نصوحة ويتذكروا قول الله تعالى في كتابه العزيز ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر: 53)). والتوبة مفتوحة للعبد قبل أنت تشرق الشمس من مغربها. فالله هو الذي يؤتي ملكه من يشاء ويعزمن يشاء ويذل من يشاء ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران: 26)). والحمد لله قيادتنا الهاشمية ومسؤولينا وشعبنا لم يفعلوا إلا ما يرضى الله طيلة السنوات الماضية وحتى وقتنا الحاضر.
  • شباب
  • مال
  • تقبل
  • أعمال
  • الهاشمية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/08/19 الساعة 06:27