نص الثأر: «ارموا موقعي حالاً»

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 00:43

السلام على سيدنا،

السلام على الشهداء ،

السلام على صانع الكرامة ،

السلام على وارثي الكرامة و مورثيها جيلاً بعد جيل،    

لم يدر في خلد العدو يوماً أن تصل حدود التضحية الحد الذي بلغه جنودنا النشامى ، و أحد أشاوسهم ينادي عبر  الجهاز على " خوياه " و قد طوَق العدو الغاشم موقعه " طوق العدو موقعي ، ارموا موقعي حالاً "! .و لا يلومهم أحد فهم لا يعرفون الجندي الأردني و شجاعته و حبه للشهادة ، و ما مشهور و فهد مقبول و فاضل علي  عنهم ببعيد و هم  يقسمون ان لا مبيت الليلة دون الأخذ بثأر العرب و الجيش الأردني من العدو بعد نكسة (67)!.

السلام على من رووا بدمائهم أرضهم  من الأنبياء و الصحب الأطهار جعفر و عبدالله و زيد و الصالحين من بعدهم  ، فأنبتت كل قطرة دم زكية سبع فرسان ما هابوا العدا بل صار" أسود صباح العدا " على أكفهم البيضاء إلا من دماء أعداء الوطن و العروبة و الدين  .

كان ذلك في زمن أردني فرض نفسه على العدو ليلقنه درساً في أن النصر ليس أسلحة و عتاداً ، و إنما النصر رجال يهبون ضحى ، لينجزوا  وعدهم   ويحموا حماهم  ، سيفهم حداء  مر على عدوهم  و خيولهم ما تلمس الأرض أقدامها ، تفتش معهم عن رحب من الفضاء  ضاق على من سولت  لهم أنفسهم التعدي على  كرامتنا ، فرد جنودنا كيدهم إلى نحورهم صاغرين مدبرين .

بالصبر ، و ما النصر إلا صبر سويعة ، وبالثقة بالله و النفس و الحق  والعناد الحسيني الأردني  مضى النشامى الرجال الرجال   ، مضى خيرة الرجال  و الأولى من آبائنا و إخواننا مشهور حديثة الجازي ، وزيد بن شاكر ، و كاسب صفوق الجازي، وقاسم المعايطة، و شفيق جميعان ، ومحمد هويمل الزبن ، وفاضل علي ، ومسلم قاسم مطير ، وراتب البطاينة ، وعيسى سليمان عبدالرحيم ، وسالم الخصاونة ، وعلي عبدالله بخيت العموش ، وكريم عليان حمدان الزيود، ومحمود فليح خليف الخوالدة، وزهير حماد العياصرة، مضوا و "خوياهم "  نحو المعركة و " ما في الموت شك لواقف"، وصوت الحسين ، ما يزال يلامس أسماعنا ، عند الخامسة والنصف ضحى ، وهو يعلن قراره: " بأن يستمر القتال حتى يخرج آخر جندي من أرضنا "، و  رؤيته تعلو سماء ميدان الرجولة :  " لن يمروا ".

لقد كانت المعركة إشهاراً  لزمن جديد ، لا يعرف أنصاف الحلول و النهايات  ، و كرامة أردنية  أسطورية  تلُوح  للعرب ببارقة أمل  تروي عطشهم   ،  لولادة جديدة يعلن فيها النصر معنى و مبنى  للجيش الأردني ، بعد نكبات أطفأت جذوة الأمل  و جرَت على الأمة الخيبات ، فكان أن أوفى  الأردنيون  النشامى بالوعد في الكرامة ، وكان ( العرب ) على موعد مع حرب 1973 بروح عالية و معنوية جبارة .

إنها سيرة  الكبرياء و الشهادة و الكرامة و الحرب من  مؤتة وعمورية وباب الواد و اللطرون ، توقظ فينا ماضياً و تؤرخ لزمن   ضحى فيه النشامى  ليظل التراب الأردني و الوطن الأردني  واقفاً  كبرياءً ، عصياً على الغادرين والعادين والمتاجرين والمرجفين في المدينة ،  فرسان صدقوا الله الوعد  و العهد ، فنال منهم من نال الشهادة  واقفاً دون أرضه و عرضه ، و آخرون ظلوا يحرسون الوطن برموش عيونهم ،  و حبات عرقهم ، حتى صار وطناً يهاب جانبه  شجاعة ، ويعز وارده طلباً لأمان فقده الناس في أوطانهم .

نشامى أدركوا أن الريادة والقيادة لا تتأتى بغير لأي  وصبر ودم ، فكانوا جنوداً أوفياء لقيادتهم الهاشمية وما زالوا " وافيين الدين "و العهد ، يلبون نداء حرائر الوطن :

" يا مرحبا وإن كان عبدالله معهم              وإن كان حسين عادل الصفين"

ويزمجر  الصوت فينا " إحنا كبار العرب"،فيأتي الصدى : " حنا كبار البلد   حنا كراسيها"،  وما أن يأتي صوت الناعي ، حتى تقوم الأردنيات  النشميات الصابرات على الألم  والجرح ينادين :

" ريت المنايا اللي تيجي  يا سلامة           ادور على الأنذال دار بدار"

أبداً ما خذل جنود  أبي عبدالله  وطنهم  في الماضي ، و لن يخذل جنود أبي الحسين، القائد الأعلى للقوات المسلحة الباسلة ، عرينهم  حاضراً، وهو من يصل الليل بالنهار ، يدعم جنده و يوفر لهم  أرقى سبل التدريب و التسليح ن ليكونوا على أتم الاستعدادية و الجاهزية العسكرية، فكانوا صناع أساطير رجولة و تضحية  في الحرب ومحاربين أشداء في الميدان إذا سمعوا :

" شد الركايب يا( يبه)         لا يرتخي مسمارها

أبوك قبلك ما يخاف         يفرح إن شبت نارها"

و كأن صوت فارسهم ( الحسين )و صوتهم من خلفه ،  يحقق رؤية  أبي الطيب ، إذ يقول :

" أريد من زمني أن يبلغني             ما لا يبلغه من نفسه الزمن "

فالسلام عليكم أيها الشهداء يا أنبل بني البشر  ، ضحيتم بدمائكم و نشيدكم و أمنباتكم البسيطة ،  فنعمنا بوطن أعلنتم ميلاده بالدم و شرف الجندية  ، وعليه،

 اكتبوا في دفاتر الحب و الوطن مهدور دمنا إن خذلنا شهادتكم  يوماً و دمكم ، مهدور دمنا إن ساومنا أو  بدلنا أو ناورنا على الوطن أو على حبة تراب  منه ، فنحن لغير سجل الوطن ما انتسبنا و لا على غيره " دوَرنا ".

سلام على وطن الرفاق الطيبين والصادقين والصابرين والقابضين على جمر الولاء ، وجمر العروبة  ، وجمر العقيدة ، و جمر المحبة  ، و جمر الحرية التي بغير ما دماء الأردنيين ما عرفناها.

السلام على الملك والقائد المفدى،

السلام على العسكر،

السلام على الشهداء ورفاقهم .

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/21 الساعة 00:43