عِيْدٌ بَعْدَ عِيْدٌ
لقد قَسَّمَ الله العام في الكرة الأرضية لعباده إثني عشر شهراً ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين (التوبة: 36)). وقُسِّمَ العام إلى أربعة فصول شتاء، ربيع، صيف وخريف وكل فصل تقريباً ثلاثة شهور، تدور الأرض حول الشمس وينتج عن دورتها الفصول الأربعة. وقُسِّمَ اليوم إلى أربع وعشرين ساعة نهار وليل، وكلٍ منهما إثنا عشر ساعة تقريباً، تدور الأرض حول نفسها وينتج الليل والنهار.
وقد سَنَّ الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عيدين للمسلمين أولهما عيد الفطر ويأت بعد صيام شهر رمضان وهو أفضل أشهر العام لأنه نزل فيه القرآن وفُرِضَ فيه الصيام وأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. والعيد الثاني هو عيد الأضحى المبارك ويأتي بعد ركن الحج وفيه يُضَحِي كل حاج وكل مسلم قادر أضحية ليأكل منها هو وأهله الثلث ويوزع الثلث الثاني على الأقارب والأصدقاء ويوزع الثلث الثالث على الفقراء والمساكين والمحتاجين أو توزع كلها على الفقراء والمساكين والمحتاجين.
وتمر السنون وتمر الأعياد عيداً بعد عيدٌ وتمر أعمارنا سريعة وبدون أن نشعر أو نحس لأنه كما أخبرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام: في آخر الزمان يصبح اليوم كساعة والأسبوع كيوم والشهر كأسبوع والسنه كشهر. وكل عيد من العيدين له معناه ومغزاه وأهدافه التي يجب العمل على تنفيذها. فعيد الفطر يقوم كل مسلم بإخراج زكاة أمواله ومقتنياته من كل شيء وبالطبع التي بلغت النصاب وحال عليها الحول. وكل نوع من المقتنيات لها مقدار زكاة يخصها فيما إذا كانت من الذهب أو الفضة أو غيرها من المعادن أو الأموال ... إلخ. وعلاوة على ذلك يُخْرِج كل مسلم زكاة الفطر والتي يقدر مقدارها المفتي في البلد المعني، والتي يجب إخراجها قبل صلاة العيد للفقراء والمساكين والمحتاجين مما ذكرهم الله في كتابه العزيز ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة: 177)). علاوة على قيام المسلمين بواجب صلة الرحم حتى لو كان بين بعضهم البعض خلاف وخصومة وخيرهم من بدأ بالسلام وبالإصلاح.
وعيد الأضحى المبارك يأتي بعد أداء ركن الحج والذي فيه الخير كله للإسلام والمسلمين حيث يتبادل المسلمون فيه المعارف والنصائح والإرشاد والعلم والبضائع التجارية ... إلخ في الحج. وفي الحج يغسل الحجاج ذنوبهم حيث يعود الحاج ذكراً كان أو أنثى كما ولدته أمه إن حج ولم يرفث ولم يفسق ولم يجادل الحج كما أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بناءاً على ما قاله تعالى ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (البقرة: 197)). وتوزع أضاحي الحجاج أجمعين على فقراء المسلمين وغيرهم في العالم. فنسأل الله العزيز القدير أن يعز الإسلام والمسلمين ويأخذ بأيديهم إلى ما فيه خير العالم أجمع لأن رسالة الإسلام جاءت للعالمين. وكل عام وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني المعظمين والعائلة الهاشمية وشعبنا والمسؤولين والإسلام والمسلمين بكل خير من الله.