...«أيها الناس»
اليوم يقف أكثر من مليوني حاج على جبل الرحمة، جاؤوا من كل حدب وصوب ، يقفون بلباس واحد ويصدحون بنداء واحد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك».. يضرعون الى الباري جل جلاله أن يغفر لهم وأن يقبل طاعتهم وأن يعودوا الى ديارهم وأهلهم سالمين غانمين كيوم ولدتهم أمهاتهم.
اليوم، هو أعظم أيام الدنيا فـ»الحج عرفة».. هو يوم أكمل الله به الملّة وأتم به النعمة: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا).. هو يوم يباهي الله بأهل عرفات أهل السماء.. هو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
في هذا اليوم الفضيل المبارك نستذكر ونستحضر خطبة الوداع للرسول الاعظم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ونتوقف عند كل كلمة فيها نتأملها وننظر الى أحوال المسلمين في هذا الزمان، ونكرر قوله صلى الله عليه وسلم : « أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد».
وننظر حولنا ونتساءل: أين حرمة دماء المسلمين التي تسيل ولا تزال في كثير من دول العالم وللاسف الشديد، والاعراض التي تنتهك دون مجيب أو نصير - الا من رحم ربي - ؟!
أين نحن من قول الرسول الاعظم في حجة الوداع وخطبة الوداع: «أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد».
وأين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم : «اتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً».
وأين نحن.. وأين نحن؟؟
خطبة الوداع خارطة طريق ومنهاج عمل الى أن يرث الله الارض ومن عليها نستذكرها في هذا اليوم المبارك.. يوم الرحمة والمغفرة.. يوم يتبعه عيد الاضحى المبارك، عيد تسمو فيه كل معاني التسامح والتصالح وصلة الرحم التي تقطعت لأسباب عديدة في مقدمتها وسائل «التواصل الاجتماعي» التي أسيء استخدامها فصارت وسائل قطيعة لا وسيلة تواصل - وللاسف الشديد.
ورغم كل الظروف والكروب والخطوب التي تمر بها الامتان العربية والاسلامية، تبقى للعيد فرحته وبهجته وعظته التي نستمد منها ما يعيننا جميعا على مواجهتها نحو مستقبل أفضل.
تقبّل الله من الجميع الطاعات، واعاد الحجيج سالمين غانمين، وكل عام والاردن ملكًا وولي عهد وشعبًا بألف خير. الدستور