موازنة من خارج الصندوق
وكأن إيرادات ونفقات الموازنة تمتلك مرونة وفوائض تبرر الضغط على وزير المالية للخروج من الصندوق في إعدادها لكن قبل أن تتكرر هذه الدعوة الكريمة هل يقول لنا الدعاة ما الذي يمكن فعله خارج الصندوق في شأن موازنة مقيدة أكثر من اللازم ومحددة في أضيق الحدود؟
تقوم الموازنة العامة على أساس أن تحصل الحكومة إيرادات محلية تنفقها على الرواتب والتقاعدات والخدمات والدعم وسداد المديونية وعلى أساس مساعدات وقروض ومنح تستكمل بجزء منها ما يتبقى من انفاق جار وتحاول بالنزر اليسير المتبقي تمويل نفقات رأسمالية غالباً ما يتم تأجيلها لتغطية قصور ييكرر سنوياً في تقديرات الإيرادات يفرز عجزاً يكاد يكون مزمناً.
لا زالت موازنة الحكومة أكبر من موازنة أية دولة كبرى بمقياس الناتج المحلي الإجمالي وهي تفوق طاقة الاقتصاد الأردني، ومستوى الضرائب فيها مرتفع، كذلك مستوى الإنفاق الذي لا يستطيع أي وزير مالية يمتلك كل مفاتيح صناديق الإبداع أن يحرك فيها ساكناً.
الموازنة يا سادة تتألف من نفقات جارية رواتب وتقاعدات وتشكل نحو 0.94 %من اجمالي النفقات الجارية ونفقات رأسمالية ممولة من المنح والمساعدات والقروض.
حسناً بإمكان وزير المالية المطالب بأن يفكر خارج الصندوق أن يشطب الدعم وخدمة الدين العام ـ أقساط وفوائد ـ ويخفض بند الرواتب والأجور والتقاعد لتوفر في الموازنة ترفاً يمكن معه فعل الكثير.
صحيح أن الموازنة ليست منزلة لكن أبواب الدخـول منها تكاد تكون موصدة، فالدعم خط أحمر، وخدمة الدين العام واجب لا يقبل المماطلة كما أن الدين العام في حالة ارتفاع بنسبة تفوق نسبة ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي.
والأجور والرواتب والتقاعد في حالة ارتفاع وليس انخفاض وما زالت الحكومة تعتبر نفسها مصدراً لتفريخ وظائف لغاية 40 %من فرص العمل.
وزير المالية مطالب بموازنة واقعية لإقتصاد يمر بظرف غير واقعي مع أن لديه نفقات مقررة تزيد عن الإيرادات المتوقعة، ولديه مؤسسات وهيئات حكومية تزيد نفقاتها عن إيراداتها إلا إن كان المطلوب أن يضاعف العجز.
الموازنة ليست تحت سيطرة وزارة المالية، ومع ذلك فهي تتلقى الإنتقادات، رغم أن عملها فيها ما هو إلا إنعكاس لواقع مر.. الحلول الجراحية متوفرة، لكنها لن تكون مقبولة حتى من أولئك الذي يطالبون بالتفكير من خارج الصندوق.
الرأي